|
قصور أو فرط نشاط الغدة الدرقية وتورم نسيجها من أكثرها شيوعا
تحتاج كل خلية وعضو في الجسم إلى الهرمون الدرقي لتعمل بشكل طبيعي، وبالتالي فعند حدوث أي اضطراب في وظيفة الغدة الدرقية يؤدي ذلك إلى خلل في جميع وظائف الجسم.
ويعتبر قصور الغدة الدرقية وفرط نشاطها وتورم نسيج الغدة من أكثر أمراض الغدة الدرقية شيوعا، وهي تنتشر بين النساء أكثر من الرجال وغالبا ما تتطور بالتدريج، وقد تمضي شهور وحتى سنوات قبل اكتشاف الحالة.
الغدة الدرقية
الغدة الدرقية هي إحدى الغدد الصماء المهمة والحيوية في الجسم وهي عضو صغير يشبه الفراشة، وتتكون من فصين أيمن وأيسر يقعان في أسفل الجزء الأمامي من الرقبة أمام القصبة الهوائية، وهي المسؤولة عن إفراز هرمونات تؤثر في وظائف الجسم المختلفة، حيث تتحكم في النمو والتطور والعمليات الحيوية في جسم الإنسان.
أما عن تشخيص أمراض الغدة الدرقية، فيتم بأخذ التاريخ المرضي كخطوة أولى ومن ثم فحص الغدة الدرقية وأعضاء الجسم المختلفة سريريا ثم إجراء تحليل لدم المريض لفحص وظيفة الغدة وقياس كمية هرمونات الغدة الدرقية وفي بعض الأحيان تحليل الأجسام المضادة المؤثرة على الغدة الدرقية في الدم.
وقد يطلب الطبيب فحص الغدة الدرقية بالموجات فوق الصوتية عند الاشتباه بوجود عقد أو أورام بالغدة الدرقية.
وعند وجود فرط في إفراز الغدة الدرقية يتم إجراء تصوير مسحي لقياس معدل امتصاص اليود المشع في الغدة الدرقية بعد إعطاء المريض كمية ضئيلة من اليود المشع وذلك لمعرفة سبب فرط الغدة الدرقية. وقد يلجأ الطبيب إلى أخذ عينة من العقد الدرقية بواسطة إبرة دقيقة وتحليلها معمليا لاستقصاء الأورام الخبيثة.
قصور الغدة الدرقية
قصور (خمول) الغدة الدرقية هو عدم مقدرة الغدة الدرقية على تصنيع أو إفراز الهرمونات الدرقية بالمستوى المطلوب للجسم وهذا يؤدي إلى إبطاء عملية الأيض (التمثيل الغذائي) في الجسم.
وقد يعاني المريض من بعض الأعراض والعلامات التالية:
الشعور بالكسل والخمول، زيادة في الوزن على الرغم من فقدان الشهية، عدم تحمل الطقس البارد، تضخم الغدة الدرقية عند قاعدة الرقبة، الإمساك، جفاف الجلد، ضعف الذاكرة وكثرة النسيان، جفاف الشعر وسقوطه، الآم في المفاصل والعضلات، بطء الحركة والكلام، خشونة الصوت، اضطراب الدورة الشهرية، ضعف نبضات القلب، الإصابة بالغيبوبة، ارتفاع مستوى الكولسترول أو زيادة ضغط الدم.
أما الأطفال المصابون بقصور في الغدة الدرقية فقد لا تظهر عليهم الأعراض الدارجة، ولكن يكون لديهم نقص وتخلف في النمو وضعف في الأداء المدرسي.
أسباب قصور الغدة الدرقية
لتدني وقصور نشاط الغدة الدرقية أسبابا كثيرة، إما أن تكون أولية بمعنى أن يكون الخلل والمرض في الغدة نفسها، أو ثانوية، وهي نادرة وتكون لخلل في الغدة النخامية مما يؤدي إلى نقص في الهرمون المحرض للغدة الدرقية. ومن الأسباب:
– الالتهاب الدرقي المناعي الذاتي: يعد أحد الأسباب الرئيسية للاضطرابات الدرقية وأكثرها شيوعا وفيه يهاجم جهاز مناعة الجسم الغدة الدرقية ويدمرها مما يجعل الغدة في النهاية تصبح قاصرة النشاط.
– قصور الدرقية ما بعد الجراحة: وهذا ينتج عن استئصال جزء أو كل الغدة الدرقية بعملية جراحية بسبب، مثلا: وجود تكيس أو عقد أو سرطان بالغدة الدرقية.
– قصور الدرقية ما بعد العلاج باليود المشع: والذي يستخدم لتحطيم الغدة الدرقية لعلاج حالات فرط الدرقية.
– تعاطي بعض الأدوية ضد الدرقية التي تستخدم لعلاج فرط الدرقية وأدوية أخرى مثل الليثيوم، أمايودارون.
– نقص اليود: تكون الغدة الدرقية غير قادرة على تصنيع وإفراز هرمون الدرقية نتيجة لنقص اليود في الجسم. وهذا يحصل غالبا في المناطق الجبلية، حيث تقل نسبة اليود في الماء والغذاء مما يؤدي إلى تضخم الغدة الدرقية. ويمكن تجنب الإصابة بتضخم الغدة الدرقية عن طريق تناول الملح المدعم باليود، وعن طريق تناول الأسماك التي تحتوي لحومها على كميات جيدة من اليود.
– قصور النشاط الدرقي الخلقي: حيث يولد بعض الأطفال من دون غدة درقية أو بغدة تنتج مستويات منخفضة من الهرمون الدرقي الذي يؤدي نقصه إلى تأخر في النمو (قصر القامة) وتخلف عقلي، ما لم يتم اكتشاف الحالة وعلاجها في وقت مبكر بعد الولادة.
– قصور الغدة النخامية: وهو من الأسباب الثانوية النادرة لقصور الدرقية، وينتج عنه قصور في إفراز الهرمون المهم لعمل الغدة الدرقية الأمر الذي ينتهي بقصور الدرقية.
علاج قصور الغدة الدرقية
العلاج بالطبع هو تناول أقراص بديلة للهرمون الذي تنتجه الغدة الدرقية مدى الحياة وقلما تحتاج هذه الحالات إلى أي تدخل جراحي. ويقوم الطبيب بمراقبة مستويات الهرمونات الدرقية بالدم للمريض بصفة مستمرة لتحديد نسبة الدواء المناسبة له.
أما عن قصور الغدة الدرقية أثناء الحمل، فإذا كانت المرأة الحامل مصابة بقصور الغدة الدرقية ولم يعالج أثناء الحمل، فسوف يكون له تأثير سلبي ومضاعفات على الحامل وعلى الجنين كالإجهاض، ارتفاع ضغط الدم عند الأم، تمزق المشيمة، نزف ما بعد الولادة، موت الجنين في الرحم، التخلف العقلي في المولود. لذا يجب عمل تحليل دم للحامل والمحافظة على مستويات الهرمون لديها ضمن الحدود الطبيعية بأخذ الجرعة المناسبة من الهرمون الدرقي، تحت إشراف الطبيب المعالج.
فرط الغدة الدرقية
فرط نشاط أو (تسمم) الغدة الدرقية يحدث عندما تفرز الغدة الدرقية الهرمونات بكمية كبيرة في الدم، وهكذا فإن الغدة الدرقية زائدة النشاط تؤدي إلى الإسراع في معدلات النشاط لكثير من أجهزة الجسم.
– الأعراض: من أعراض وعلامات فرط نشاط الغدة الدرقية ما يلي: نقص الوزن رغم زيادة الشهية، زيادة إفراز العرق، رعشة في اليدين، الشعور بالخفقان (زيادة معدل ضربات القلب)، عدم الراحة والأرق، الهيجان والتوتر العصبي، عدم تحمل الجو الحار، ضيق التنفس، جحوظ في العينين، إسهال، اضطراب الدورة الشهرية، العجز الجنسي عند الرجال.
– الأسباب: يعتبر مرض جريفز من أكثر أسباب فرط نشاط الغدة الدرقية شيوعا. وهو ناتج عن اختلال في النظام المناعي الذاتي في الجسم (عندما يهاجم الجهاز المناعي بعض الأنسجة) وينتج عن ذلك قيام الغدة بإفراز كمية كبيرة جدا من الهرمون الدرقي الذي يؤدي إلى فرط نشاط الغدة الدرقية. وقابلية الإصابة بمرض جريفز يمكن أن يكون وراثيا في بعض الحالات.
وقد يكون فرط نشاط الغدة الدرقية ناتجا عن أسباب أخرى مثل وجود تكيسات أو أورام حميدة أو التهاب بالغدة الدرقية أو اضطراب بالغدة النخامية.
علاج فرط نشاط الدرقية
يهدف علاج مرض جريفز المسبب لفرط نشاط الغدة الدرقية إلى خفض إنتاج الهرمونات الدرقية من هذه الدرقية والمساعدة على خفض الأعراض الناتجة عن المستويات الزائدة من تلك الهرمونات في الدم. ويمكن خفض إنتاج الهرمونات الدرقية بالأدوية المضادة للنشاط الدرقي أو بالعلاج باليود المشع أو بالجراحة، ويكون كالتالي:
1- العلاج بالأدوية المضادة للنشاط الدرقي
يتم إعطاء المريض أدوية تساعد على توقف الغدة عن تصنيع الهرمون وعادة ما يكون هذا هو العلاج الأول لمرض جريفز، حيث يشعر المصاب بتحسن ملحوظ في غضون أسابيع معدودة ويستمر المريض على العلاج لمدة أشهر عدة. وفي 50 في المائة من الحالات يشفى المريض تماما من المرض. أما إذا استمر العلاج بالأدوية لأكثر من سنة ونصف السنة وما زال نشاط الغدة مستمرا عندها يفضل اللجوء إلى العلاج باليود المشع.
2- أورام الغدة الدرقية
– العلاج عن طريق اليود المشع: وفي هذا النوع من العلاج يتناول المريض اليود المشع عن طريق الفم، بحيث يتراكم في الغدة الدرقية فيدمر الخلايا النشطة بها وهو لا يضر بأجزاء الجسم الأخرى. وهذا العلاج يعطي نتائج طيبة من جرعة واحدة بل ويمكن تفادي الجراحة من خلاله. واستخدام اليود المشع يمكن أن يؤدي إلى قصور في وظائف الغدة، وبالتالي يحتاج المريض إلى تناول أقراص هرمون الغدة التعويضي.
– العلاج الجراحي: ويتم اللجوء إليه عادة عندما يكون الدواء المضاد للدرقية أو اليود المشع غير فعال أو يتعذر استعمالهما أو أن يكون هناك تضخم كبير جدا بالغدة الدرقية يسد القصبة الهوائية أو المريء، ويتم فيه عادة استئصال جزء أو كل الغدة الدرقية جراحيا. وفي حالات نادرة يمكن أن تؤثر هذه العملية على الصوت.
– أورام الغدة الدرقية الحميدة: أورام الحميدة موجود بكثرة حول العالم وقد تؤدي إلى زيادة حجم الغدة الدرقية، ويعتمد تشخيصها على أخذ عينة من العقد الدرقية بواسطة إبرة دقيقة ومن ثم تحليلها معمليا لمعرفة نوع الورم، وبالتالي وضع خطة العلاج المناسبة. ويتم علاجها عادة تحفظيا، وفي حالات معينة قد يستدعي الأمر التدخل الجراحي.
– أورام الغدة الدرقية الخبيثة: هناك أنواع كثيرة لأورام الغدة الدرقية الخبيثة، وهي تصيب الصغار والكبار. ويعتمد العلاج، بصورة عامة، على استئصال الغدة الدرقية، وبعد ذلك يبدأ العلاج عن طريق اليود المشع، ومن ثم إعطاء المريض جرعة عالية من هرمون الغدة التعويضي لوقف نمو الورم، ويحتاج المريض بعد ذلك لمتابعة مستمرة طوال الحياة