|
[frame="7 10"]
أعان الصحابة رضوان الله عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على تبليغ الدعوة ، والدعوة في صلبها ، فذهبوا إلى العالم كله ، وقد انتشر الكذب وانتشر الغدر والخيانة ، وانتشر الزنا وانتشر شرب الخمر في أرجاء البلاد ، والدول المتقدمة الفرس والروم وغيرها ، وكانت مهمتهم ورسالتهم تطهير المجتمعات من هذه الرذائل لأن الله يقول {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً} الإسراء16
والقراءة الأخرى {إذا أردنا أن نهلك قرية أمَّـرنا مترفيها} أي يكونوا هم الأمراء {أمَّرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً} ولذلك كان موضع العجب من البلاد التي فتحوها ، أنهم حفاة وعراة ولا يملكون من الدنيا شيئاً ، ومع ذلك عرضت عليهم الخزائن ، ومن موضع العجب أيضاً أن هؤلاء القوم مع فقرهم وضيق ذات يدهم وحاجاتهم الشديدة ، إلا أنهم لا يمدون أيديهم إلى هذا الثراء وإلى هذا الغنى وإلى هذه العروض التي عرضت عليهم ، ليقينهم بربهم وصدقهم مع نبيهم صلى الله عليه وسلم
وهذا ما دعا الأمم إلى أن تدخل في الإسلام ، فقراء لكن أمناء ، محتاجون لكنهم في حاجات الدنيا زاهدون ، ولا يطلبون شيئاً إلا من رب العالمين ، دخلوا قصور كسرى ملك الفرس وعندما رأوها استعبر سيدنا سعد بن أبي وقاص عندما رأى هذه القصور الهائلة وهذه الكنوز الفاخرة فقال رضي الله عنه متمثلاً بكتاب {كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{25} وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ{26} وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ{27} كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ{28} الدخان
يعطي موعظة لمن حوله من الجند ، وبعد دخولهم إلى إيوان كسرى وأخذ الجند يبحثون في كل جوانبه أمرهم بإحضار كل ما يجدونه ، فكان هذا موضع العجب من الفرس فمن وقعت يده على إبرة ، جاء بها إلى القائد وسلمها له ، حتى أنه أرسل خزائن كسرى على جمال إلى المدينة المنورة كان أولها في المدينة وآخرها في بلاد فارس
ولك أن تتخيل هذا الكم الهائل ومع ذلك لم يحتفظ أحد لنفسه بشيء لأنهم يراقبون الله ، حتى أن سيدنا عمر عندما عرض هذه الأمانات في المدينة المنورة تعجب الحضور وقال سيدنا عمر : إن قوماً أدوا هذا لأمناء ، فقال سيدنا الإمام علي : عففت فعفت رعيتك يا أمير المؤمنين ، والرسول صلى الله عليه وسلم أعطانا هذا المثل في كل أمر ، فمن أراد أن يصون حريمه ماذا يفعل؟ قال {عفوا تعف نساءكم}[1]
وهذه سنة الله التي لا تتخلف في كل زمان ومكان ما دامت السموات والأرض إن شاء الله ، إذاً الأخلاق التي كان عليها العرب في الجاهلية قبل الإسلام هي التي جعلت الله يجتبيهم ويختارهم لتبليغ دينه وهذه هي القضية التي أريد منكم أن تعرفوها لكي تردوا على من تحدث في ذلك لأن بعض الجهال يقولون ، لماذا اختار الله العرب والجزيرة العربية ليكون الرسول فيهم؟
لأنهم مؤهلين لنشر هذا الدين ، لأنهم كانوا متمسكين بالكمالات والأخلاق العظيمة التي يحبها الله من عباده ، ولو كانت الرسالة تحتاج إلى السلاح لكان أعطاها لقيصر أو لكسرى ، ولكن السلاح الفعال الذي يفعل فعل السحر في إدخال الإيمان في قلوب الرجال هو الأخلاق الإلهية {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} آل عمران159
فقد جهزهم الله إن كان أهل مكة أو أهل المدينة أو أهل الجزيرة العربية كلهم بالأخلاق التي كانوا عليها وقد حافظوا عليها مع أنهم كانوا في الجاهلية وسلموها لنا ، فأين من حافظ على هذه الأخلاق؟
إننا نحافظ على الشكليات ، وكذا على الصلاة والصيام وزيارة بيت الله لكن أين الكمالات التي كان عليها أصحاب رسول الله؟ وهذا ما يحتاج إلى الهمة العالية والعزيمة الماضية والمجاهدات الشديدة الراقية من أجل أن نصبح كما قال الله { ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ{13} وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ{14} الواقعة
ونستطيع أن نلحق بهؤلاء بأن نكون على هديهم :
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالرجال فلاح
ولو بحثت في سير الصالحين السابقين واللاحقين أجمعين ، تجدهم قد حصلوا هذه المنازل ، بالتجمل بأخلاق من السلف الصالح وأخلاق سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم ، وقد نالوا بذلك الكمال وليس بالمسابح أو بالعدد ولكن بالمدد
فلا يجاهد بذكر اسم اللطيف مائة وعشرين مرة ، ولكن يجاهد نفسه أن يكون لطيف مع عباد الله كما كان حَبيب الله صلى الله عليه وسلم ، ويتجمل بالأخلاق المحمدية في كل المواطن ، وكلما تخلق بخلق نزل عليه إرث هذا الخلق من كنوز الفضل المحمدي ، فإذا تجمل بالصدق خلع الله عليه رتبة الصديق {لا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً}[2]
والقراءة الأخرى {إذا أردنا أن نهلك قرية أمَّـرنا مترفيها} أي يكونوا هم الأمراء {أمَّرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً} ولذلك كان موضع العجب من البلاد التي فتحوها ، أنهم حفاة وعراة ولا يملكون من الدنيا شيئاً ، ومع ذلك عرضت عليهم الخزائن ، ومن موضع العجب أيضاً أن هؤلاء القوم مع فقرهم وضيق ذات يدهم وحاجاتهم الشديدة ، إلا أنهم لا يمدون أيديهم إلى هذا الثراء وإلى هذا الغنى وإلى هذه العروض التي عرضت عليهم ، ليقينهم بربهم وصدقهم مع نبيهم صلى الله عليه وسلم
وهذا ما دعا الأمم إلى أن تدخل في الإسلام ، فقراء لكن أمناء ، محتاجون لكنهم في حاجات الدنيا زاهدون ، ولا يطلبون شيئاً إلا من رب العالمين ، دخلوا قصور كسرى ملك الفرس وعندما رأوها استعبر سيدنا سعد بن أبي وقاص عندما رأى هذه القصور الهائلة وهذه الكنوز الفاخرة فقال رضي الله عنه متمثلاً بكتاب {كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{25} وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ{26} وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ{27} كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ{28} الدخان
يعطي موعظة لمن حوله من الجند ، وبعد دخولهم إلى إيوان كسرى وأخذ الجند يبحثون في كل جوانبه أمرهم بإحضار كل ما يجدونه ، فكان هذا موضع العجب من الفرس فمن وقعت يده على إبرة ، جاء بها إلى القائد وسلمها له ، حتى أنه أرسل خزائن كسرى على جمال إلى المدينة المنورة كان أولها في المدينة وآخرها في بلاد فارس
ولك أن تتخيل هذا الكم الهائل ومع ذلك لم يحتفظ أحد لنفسه بشيء لأنهم يراقبون الله ، حتى أن سيدنا عمر عندما عرض هذه الأمانات في المدينة المنورة تعجب الحضور وقال سيدنا عمر : إن قوماً أدوا هذا لأمناء ، فقال سيدنا الإمام علي : عففت فعفت رعيتك يا أمير المؤمنين ، والرسول صلى الله عليه وسلم أعطانا هذا المثل في كل أمر ، فمن أراد أن يصون حريمه ماذا يفعل؟ قال {عفوا تعف نساءكم}[1]
وهذه سنة الله التي لا تتخلف في كل زمان ومكان ما دامت السموات والأرض إن شاء الله ، إذاً الأخلاق التي كان عليها العرب في الجاهلية قبل الإسلام هي التي جعلت الله يجتبيهم ويختارهم لتبليغ دينه وهذه هي القضية التي أريد منكم أن تعرفوها لكي تردوا على من تحدث في ذلك لأن بعض الجهال يقولون ، لماذا اختار الله العرب والجزيرة العربية ليكون الرسول فيهم؟
لأنهم مؤهلين لنشر هذا الدين ، لأنهم كانوا متمسكين بالكمالات والأخلاق العظيمة التي يحبها الله من عباده ، ولو كانت الرسالة تحتاج إلى السلاح لكان أعطاها لقيصر أو لكسرى ، ولكن السلاح الفعال الذي يفعل فعل السحر في إدخال الإيمان في قلوب الرجال هو الأخلاق الإلهية {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} آل عمران159
فقد جهزهم الله إن كان أهل مكة أو أهل المدينة أو أهل الجزيرة العربية كلهم بالأخلاق التي كانوا عليها وقد حافظوا عليها مع أنهم كانوا في الجاهلية وسلموها لنا ، فأين من حافظ على هذه الأخلاق؟
إننا نحافظ على الشكليات ، وكذا على الصلاة والصيام وزيارة بيت الله لكن أين الكمالات التي كان عليها أصحاب رسول الله؟ وهذا ما يحتاج إلى الهمة العالية والعزيمة الماضية والمجاهدات الشديدة الراقية من أجل أن نصبح كما قال الله { ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ{13} وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ{14} الواقعة
ونستطيع أن نلحق بهؤلاء بأن نكون على هديهم :
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالرجال فلاح
ولو بحثت في سير الصالحين السابقين واللاحقين أجمعين ، تجدهم قد حصلوا هذه المنازل ، بالتجمل بأخلاق من السلف الصالح وأخلاق سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم ، وقد نالوا بذلك الكمال وليس بالمسابح أو بالعدد ولكن بالمدد
فلا يجاهد بذكر اسم اللطيف مائة وعشرين مرة ، ولكن يجاهد نفسه أن يكون لطيف مع عباد الله كما كان حَبيب الله صلى الله عليه وسلم ، ويتجمل بالأخلاق المحمدية في كل المواطن ، وكلما تخلق بخلق نزل عليه إرث هذا الخلق من كنوز الفضل المحمدي ، فإذا تجمل بالصدق خلع الله عليه رتبة الصديق {لا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً}[2]
{1} المستدرك على الصحيحين للحاكم عن أبي هريرة
{2} مسند أحمد بن حنبل وصحيح ابن حبان عن عبدالله
{2} مسند أحمد بن حنبل وصحيح ابن حبان عن عبدالله
[/frame]