تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الإيمان بالقضاء والقدر

الإيمان بالقضاء والقدر

بسم الله الرحمن الرحيم
تعريف القضاء والقدر:
القضاء في اللغة يأتي لمعان منها الفصل والكم وقد تكرر القضاء في الأحاديث النبوية الشريفة فيقال قضي يقضي قضاء فهو قاض: إذا حكم وفصل ومعنى القدر القضاء والحكم ومبلغ الشئ والتقدير التروية والتفكير في تسوية الأمور.
ويقال في الشرع هو تقدير الله تعالى الأشياء في القدم وعلمه سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده، وعلى صفات مخصوصة، والعلماء فرقوا بين القضاء والقدر:
1) القضاء هو العلم السابق الذي حكم الله تعالى به في الأزل والقدر وقوع الخلق على وزن المقضي السابق.
2) عكس القول السابق فالقدر هو الحكم السابق والقضاء هو الخلق.
ويقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم (وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِياًّ( وقال تعالى (كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِياًّ).
وعلى هذا فالقضاء والقدر أمران متلازمان، لا ينفك أحدهما عن الآخر، لأن أحدهما بمنزلة الأساس، وهو القدر والآخر بمنزلة البناء وهو القضاء على انه عند إطلاق أحدهما يشمل الآخر وهذا يوحي بأنه لا فرق بينهما في الاصطلاح وهذا هو الراجح.
أركان الإيمان بالقضاء والقدر:
الإيمان بالقضاء والقدر يقوم على أربعة أركان:
1) الإيمان بعلم الله تعالى الشامل المحيط.
2) الإيمان بأن الله تعال كتب في اللوح المحفوظ كل شئ.
3) الإيمان بمشيئة الله تعالى الشاملة وقدرته النافذة.
4) الإيمان بأن الله خلق كل شئ.
فالركن الأول الإيمان بعلم الله تعالى الشامل المحيط وهو عالم بالعباد وآجالهم وأرزاقهم وشقاوتهم وسعادتهم، ومن منهم من أهل الجنة ومن منهم من أهل النار، عالم بكل ذلك قبل أن يخلقهم ويخلق السماوات والأرض يقول الله عز وجل (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ).
والركن الثاني وهو الإيمان بأن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ كل شئ واللوح المحفوظ الذي كتب الله تعالى فيه مقادر الخلائق سماه الله بالكتاب المبين وبأم الكتاب والكتاب المسطور قال تعالى (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ).
والركن الثالث الإيمان بمشيئة الله تعالى الشاملة وقدرته النافذة وهو الأصل يقضي بالإيمان بمشيئة الله تعالى النافذة وقدرته الشاملة فما شاء الله تعالى كان فقال تعالى (وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً). (وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ العَالَمِينَ)
والركن الرابع الإيمان بأن الله تعالى خلق كل شئ فيقول تعالى (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) ويقول (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ).

أفعــــال العبـــاد:
اختلف العلماء في أربع أقوال حول المشيئة والخلق فكانت:
1) إن العباد مجبورون على أعمالهم لا قدرة لهم ولا إرادة ولا اختيار والله تعالى وحده هو خالق أفعال العباد وأعمالهم إنما تنسب إليهم مجازاً وحركتهم واختيارهم كورق الشجر.
2) أن أفعال العباد ليست مخلوقة لله تعالى وإنما العباد هم الخالقون لها ولهم إرادة وقدرة مستقلة عن إرادة الله تعالى وقدرته فأفعالهم لا فاعل لها ولا محدث سواهم ومن قال إن الله تعالى خالقها ومحدثها فهو مخطئ عندهم وهذا قول المعتزلة.
3) قول بعض المتكلمين وقد وافقوا أهل السنة على أن الله تعالى خالق أفعال العباد خلافاً للمعتزلة كما وافقوا أهل السنة على إثبات القدرة للعبد خلافاً للجبرية.
4) قول أهل السنة والجماعة وهو الإقرار بالمراتب الأربعة للقضاء والقدر الثابتة بنصوص الكتاب والسنة وهي العلم والكتابة والمشيئة والخلق وأفعال العباد داخلة في المرتبة الرابعة ولذلك فهم يقولون فيها إن الله تعالى خلق أفعال العباد كلها، والعباد فاعلون لها حقيق ولهم قدرة حقيقة على أعمالهم.
وقد دلل على ذلك بقوله تعالى (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) وقوله تعالى (وَلَوْ أَرَادُوا الخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً).

الاحتجاج بالقضاء والقدر على المعاصي:
يعتقد أهل السنة والجماعة أنه لا يجوز الاحتجاج بالقضاء والقدر على المعاصي لأنه لا حدة للعبد العاصي في القضاء والقدر لأن العاصي يقدم على المعصية باختياره من غير أن يعلم أن الله تعالى قضاها وقدرها (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً)، ويقال للعاصي المحتج بالقضاء والقدر لماذا لم تقدم على الطاعة مقدراً أن الله تعالى قد كتبها لك، فإنه لا فرق بينها وبين المعصية في الجهل بالمقضي والمقدور قبل صدور الفعل منك، ولهذا لما أخبر النبي  الصحابة رضي الله عنهم بأنه (ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعدة من النار ومعقده من الجنة) قالوا: يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال: أعملوا فكل ميسر لما خلق له.
فإن كان القضاء والقدر حجة لمن فعل المحرمات وترك الواجبات لزمهم أن لا يذموا أحداً ولا يبغضوا أحد ولا يقولوا في أحد إنه ظالم ولو فعل ما فعل ومعلوم أن هذا لا يمكن أحداً فعله، ولو فعل الناس هذا لهلك العالم، فتبين أن قول المحتج بالقضاء والقدر فاسد في العقل كما أنه كفر في الشرع.
من ثمار الإيمان بالقضاء والقدر:
1) الاعتماد على الله تعالى عند فعل الأسباب لأن السبب والمسبب كلاهما بقضاء الله تعالى وقدره.
2) راحة النفس وطمأنينة القلب لأنه متى علم العبد أن ذلك بقضاء الله تعالى ارتاحت النفس واطمئن القلب.
3) طرد الإعجاب بالنفس عند حصول المراد لأن حصول ذلك نعمة من الله تعالى بما قضاء.
4) طرد القلق والضجر عند فوات المراد أو حصول المكروه لأن ذلك بقضاء الله تعالى وقدره الذي له ملك السموات والأرض.
5) أن الإيمان به من أكبر الدواعي التي تدعو على العمل والنشاط والسعي بما يرضي الله تعالى في هذه الحياة.
في الشرك الأكبر
إن أعظم ما جاء به الرسول  من عند الله تعالى وأول ما أمر الله تعالى به عبادة الله وحده لا شريك له وإخلاص الدين له وهو الأصل وهو أعظم أصول الدين وافرضها ولأجله خلق الله الخلق ولأجله أرسل الرسل وأنزل الكتب ولأجله تفرق الناس بين مسلم وكافر.
ومعرفة معنى الشرك وحقيقته متوقفة على معرفة التوحيد الذي هو ضده كما أن معرفة الشرك الذي وقعت فيه الأمم التي أرسلت غليهم الرسل يعين على تحديد حقيقة التوحيد الذي جاءت الرسل ببيانه.
وعرف الشرك في اللغة على أنه المقارنة التي هي ضد الانفراد وهو أن يكون الشئ بين اثنين لا ينفرد به أحدهما يقال لا تشرك بالله تعالى وفي الاصطلاح الشرك هو أن يتخذ العبد لله تعالى نداً يسويه به في ربوبيته أو ألوهيته أو أسمائه وصفاته.
وللشرك أحكام هي:
1) أن الله تعالى لا يغفره إذا مات صاحبه ولم يتب منه.
2) أن صاحبه خارج من ملة الإسلام.
3) أن الله تعالى لا يقبل من المشرك عملاً وما عمله من أعمال سابقة تكون هباء منثوراً.
4) أن دخول الجنة عليه حرام وهو مخلد في نار الجحيم.
وللشرك قسمين شرك أكبر وشرك أصغر والأكبر يقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية: وهي الشرك في الربوبية والشرك في الألوهية والشرك في الحكم.
وسائل الشرك الأكبر:
لما كان الشرك الأكبر أعظم ذنب عصي الله تعالى به حرم الله ورسوله  كل قول أو فعل يؤدي إليه فالرسول  كان حريصاً على هداية أمته وسلامتهم من كل ما يكون سبباً في هلاكمهم (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) وثبت عنه  أنه قال (إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها، فجعل الرجل يحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فيها، فأنا آخذ بحجزكم عن النار هلم عن النار هلم عن النار فتغلبوني تقحمون فيها).
ومن أهم الوسائل التي توصل إلى الشرك مثل الغلو في الصالحين فقد ثبت أنه كان أول وأعظم سبب أوقع بني آدم في الشرك الأكبر فقد روي البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه أخبر عن أصنام قوم نوح أنها صارت في العرب ثم قال أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن أنصبوا على مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصباً وسموها بأسمائهم ففعلوا فلمتعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت.
أيضاً تصوير الأولياء والصالحين ولخطر التصوير وعظم جرم فاعله وردت نصوص شرعية فيها تغليظ على المصورين وتدل على تحريم التصوير لذوات الأرواح، ومن النصوص الواردة في ذلك ما رواه الشيخان عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: سمعت النبي  إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون.
رفع القبور وتجصيصها وإسراجها وبناء الغرف أو المساجد عليها وعبادة الله تعالى عندها:
وقد وردت أحاديث كثيرة في ذلك ما رواه عبد الله بن مسعود  عن النبي إن من شرار الناس من تدركه الساعة وهم أحياء ومن يتخذ القبور مساجد.
وما روته أم المؤمنين وابن عباس رضي الله عنهما: قالا لما نزل برسول الله  طفق يطرح خميصة له على وجهة، فإذا اغتم به كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.
في الشرك الأصغر:
وهناك أنواع كثيرة من الشرك الأصغر منها الرياء وهو أن يظهر الإنسان العمل الصالح للآخرين أو يحسنه عندهم أو يظهر عندهم يظهر مندوب إليه ليمدحوه ويعظم في أنفسهم.
أن يعمل الإنسان العبادة المحضة ليحصل على مصلحة دنيوية مباشرة وفي الحديث (إنما الأعمال البنيات وإنما لكل ما امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه).
الاعتماد على الأسباب والواجب هو استعمال الأسباب المشروعة التي ثبت نفعها بالشرع أو التجربة الصحيحة مع توكله على الله تعالى.
والتطير وهو التشاؤم بمرئ أو مسموع أو غيرهما وقد ثبت عن النبي  أنه قال (الطيرة شرك).
أيضاً هناك الشرك في الأفعال مثل الرقى الشركية والرقى المحرمة والتمائم وهي مثل الحجب والرقى التي يكتبها بعض المشعوذين ويكتبون فيها طلاسم وكتابات لا يفهم معناها وغالباً شرك واستغاثات بالشياطين.
والشرك الأصغر في العبادات مثل الحلف بغير الله تعالى والتشريك بين الله تعالى وبين أحد من خلقه بالواو وروت قتيلة بنت صيفي رضي الله عنها أن يهودياً أتى النبي  فقال إنكم تنددون وإنكم تشركون تقولون ما شاء الله وشئت، وتقولون والكعبة فأمرهم النبي  إذا أردوا أن يحلفوا أن يقولوا ورب الكعبة، ويقولن ما شاء الله ثم شئت.

جزاااج الله خير00000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.