الأمــــــــل إكســــير الحيـــــــاة
لنتأمل مالذي يدفع الزارع إلى الكدح والعرق؟
إنه أمله في الحصاد.
وماالذي يغري التاجر بالأسفار والمخاطر ومفارقة الأهل والأوطان؟
إنه أمله في في الربح.
وماالذي يدفع الطالب إلى الجد والمثابرة والسهر والمذاكرة؟
إنه أمله في النجاح.
وماالذي يحفّز الجندي إلى الإستبسال في القتال والصبر على قسوة الحرب؟
إنه أمله في النصر.
وماالذي يحبب إلى المريض الدواء المر؟
إنه أمله في العافية.
وماالذي يدعو المؤمن أن يخالف هواه ويطيع ربه؟
إنه أمله في رضوان ربه وجنته.
الأمل – إذاً – قوة دافعة تشرح الصدر للعمل وتخلق دواعي الكفاح من أجل الواجب وتبعث النشاط في الروح والبدن وتدفع الكسول إلى الجد والمجد وإلى المداومة على جده كما أنه يدفع المخفق إلى تكرار المحاولة حتى ينجح ويحفز الناجح إلى مضاعفة الجهد ليزداد نجاحه.
إن الأمل ضد اليأس والقنوط..إنه يحمل معنى البشر وحسن الظن..بينما اليأس معول الهدم الذي يحطم في النفس بواعث العمل ويُوهي في الجسد دواعي القوة..ولهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه: " الهلاك في اثنتين: القنوط والعجب "
والقنوط هو اليأس ، والعجب هو الإعجاب بالنفس والغرور بما قدمته.
قال الإمام الغزالي:" إنما جمع بينهما: لأن السعادة لاتنال إلا بالسعي والطلب والجد والتشمير والقانط لايسعى ولايطلب لأن مايطلبه مستحيل في نظره".
:::::::::::::::::::::
الإيمان يبعث في النفس الأمل
نعم..هذه حقيقة وواقع مشاهد أن الإيمان يبعث في النفس الأمل ويدفع عنها اليأس والأسى..فالمؤمن الحق يرى أن الأمور كلها بيد الله تعالى..فيحسن ظنه بربه ويرجو ماعنده من خير وأمام عينيه قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عزوجل: "أنا عند ظن عبدي بي….".
كيف يتطرق اليأس إلى نفس المؤمن وهو يقرأ قول الله تعالى: " ولاتيأسوا من روح الله إنه لاييأس من روح الله إلا القوم الكافرون " ؟
أم كيف يتمكن منه قنوط وهو يردد كلما قرأ القرآن قوله تعالى: " ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون " ؟
إن العبد حين يكون مؤمناً حقاً فإنه لن ييأس بل سيكون دائماً مستبشراً راضياً متطلعاً للأحسن في كل الأمور أصابه في طريقه ما أصابه..وقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: " عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له " فهو في كل الأحوال موعود بالخير..فكيف ييأس؟
إنه ومن خلال إيمانه يستشعر أن الله عزوجل معه وهو ناصره وكافيه..وبناء على ذلك فهو إذا مرض رجا العافية والأجر: (وإذا مرضت فهو يشفين).
وإذا ضغفت نفسه في وقت من الأوقات فوقع في معصية..سارع بالتوبة راجياً عفو الله ورحمته واضعاً نصب عينيه قوله تعالى
وإذا أصابه ضيق أو عسر أيقن أنها شدة عما قريب ستنجلي فلن يغلب عسر يسرين: (فإن مع العسر يسراً * إن مع العسر يسراً).
إن المؤمن في كل أحواله صاحب أمل كبير في روح الله وفرجه ومعيته ونصره لأنه لايقف عند الأسباب الظاهرة فحسب..بل يتعداها موقناً أن لها خالقاً ومسبباً وهو الذي بيده ملكوت كل شيء وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون..فيمتليء قلبه توكلاً ورجاءً وأملاً..
وجعله في ميزان حسناتك