تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » مريول المدرسة

مريول المدرسة

توقفنا في الحكاية السابقة عندما اندفعت المعلمة نحوي لتعرف مافي درجي؟
وحين مدت المعلمة يدها، لترفع الغطاء صرختُ بقوة
-لا ،لا، وأطبقت على الغطاء بكلتا يدي.
تطوعت إحدى الطالبات، وما أكثرهن في فصلي ويا لحسن حظي:
-ـ معلمة أنا أعرف ماذا في الدرج، إنها قطة، لقد سمعتها تقول ميو ميو.
لم تكمل حديثها حتي صرخت ثلة من الطالبات اللاتي يخفن من القطط وخرجن يولولن خارج الفصل.
الحمد لله جاءت رحمة من رب العالمين، ستخرج المعلمة خلف الطالبات لتعيدهن للفصل، فتتيح لي وقتا كي أخرج مريولي وأعيده إلى الحقيبة, ولكن المفاجأة أن المعلمة لم تهتم لخروجهن، وازدادت إصراراً لتعرف ما في داخل الدرج.
كانت واثقة أن كائنا حيا داخل الدرج، لأنها سمعتني أقول:
سأخرجك بعد قليل.
تطوعت أخرى: أنا أعرف ماذا بداخل الدرج يا أبله إنه صرصور.
لقد رأيتها تمسك به في الحمام.
صدق المثل إن وقع الجمل كثرت سكاكينه.
ما أروعهن من زميلات دراسة!!
تقززت المعلمة ولكنها تبدو متماسكة، وخاصة أن فصلنا ملاصق لغرفة المساعدة الصارمة.
وما سمعن بقية الطالبات بصرصور حتى خرجت مجموعة أكبر من سابقتها.
يا رب، يارب تلحق المعلمة بالطالبات، وينتهي هذا السيناريو على خير.
ازدادت المعلمة إصرارا، وازددت أنا ثباتا، فالأمر مصيري بالنسبة لي والقضية غير قابلة للتفاوض.
وألقت المتطوعة الثالثة بقنبلة الموسم.
وبحماس شديد ولهجة كلها صدق: أنا أعرف، أنا أعرف، أبلة، إنه ضب، والله العظيم لقد شاهدت في بيتهم ضبا.
هنا شهقت المعلمة وخرجت مولولة لا تذر صاعا ولا قعقعا.
وخرجت آخر ثلة كانت صامدة في الفصل مولولة معلنة حالة الطوارئ، متبعة أثر معلمتها،
أخرجت بطفلي المدلل، وحضنته إلى صدري بقوة، مبدية له الأسف على هذه التصرفات الحمقاء التي صدرت ضده، يا للعالم المجنون، لماذا يقف ضدي. ويحرمني فرحتي.
ولم يبق في الفصل إلا أنا، ولكني لست وحدي فأنا في صحبة الحبيب، فليذهب الجميع إلى ……الضب ليأكلهم.

الحق يقال: أحضر إخوتي ذات مرة ضبا من البر إلى منزلنا، ولقد رأته عندنا، ولكن بقية شهادتها زور في زور. لقد تعلمت درسا أن الكبار يصدقون شهادة الزور أسرع من الصغار، فالمعلمة لم تتحقق من الخبر وانطلقت كصاروخ.
لحظات ثم ساد هرج ومرج في المدرسة، وسمعت جرس الإنذار وأعلنت حالة الطوارئ.
وما هي إلا دقائق، حتى جاءت قوات التدخل السريع، وانتشرت في المنطقة وعلى مد البصر وسدت الأسماع أصوات منبهات الشرطة وغطت الأفق سيارات الإسعاف، أصابني الهلع وتيقنت أن اليهود قد تركوا فلسطين، وجاءوا إلى هنا يريدون أن يغتصبوا مريولي، لا, وألف لا، لن أتركهم، وتيقنت الخبر، لأنهم ينادون على اسمي بالمكبرات.
يا لهم من حاقدين، فكرت واتخذت قرارا لن أخرج وسأموت شهيدة. ثم ماذا؟ هل يعني أنني سأموت؟ ولن أرتدي ثوب المدرسة، لا، سأذهب إلى الجنة وسأسأل الله أن يلبسني كل يوم ثوب مدرسة جديد، لقد قالت أمي: إن في الجنة كل ما نشتهي،أريد أن ألبس ثوب المدرسة ويشاهدنني بنات الجيران، فأنا طيبة، سيدخلني الله الجنة ان شاء الله، ولكني لا أضمن أن تدخل بنات الجيران الجنة، فهن شريرات والجنة ليس بها شرير.
زاد النداء وزادت حيرتي. وما هي إلا ثوان، وإذا بالمديرة قد ارتدت عباءتها ترجوني أن أخرج معها. ضممت مريولي على صدري وظننتها مكيدة منها لتصادر مريولي.
فتراجعت وأنا أحضن مريولي.
-ـ لا تخافي، اخرجي وخذي الذي معك لن أؤذيك أعدك، صدقيني.
-شعرت بأن حنان أمي يحدثني، وليست صرامة المديرة، فخرجت وإذا بوابة المدرسة قد اكتظت بأمم من كل فج
عميق، وما أن شاهدوني حتى علا التصفيق والتهليل والتكبير، وارتفعت الجوالات لتصور والدي وقد احتضنني وهو
يبكي لرؤيتي سالمة وقد سقط عقاله وغطاء رأسه.
الإطفائي: فتشنا المدرسة شبرا شبرا، لا يوجد حريق.
من الذي بلغ عن الحريق؟
المديرة: أنا اتصلت بكم، المساعدة نورة قالت لي: حريق، وسارعت بالاتصال بكم كي أحافظ على سلامة الطالبات.
-ـ يا مساعدة نورة، كيف عرفت أن هنا حريقا؟.
– ـ لقد شاهدت المعلمة دلال تخرج من الصف الأول وهي تصرخ، وخرج خلفها، جميع طالبات الفصل، فظننته حريقا كالذي حصل قبل أشهر بالمدرسة، وماتت بسببه الطالبات؛ لأننا لم نقم بإخلائهن في الوقت المناسب، فضغطت من فوري على جرس الإنذار، وأبلغت المديرة، لكي تسرعوا بالإنقاذ.
حملني أبي إلى سيارته وهو يتلقى التهاني بسلامتي.
وما إن ركبت السيارة هتفت، وكأن هذا العالم الذي كاد يحترق لا يعنيني: بابا انظر، مريول المدرسة الجديد، غدا سألبسه وستراه بنات الجيران.
د بشرى عبدالله اللهو ……..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.