|
المصابون بمرض الصداع النصفي، عند وجود الالم، غالبا يسعون الى الاماكن المظلمة حتى فترة قريبة كانت دوافع هذا السلوك محيرة، لماذا اقل كمية من الضوء تؤدي الى زيادة الالم؟ غير اننا الان نعلم الجواب على هذا السؤال.
عندما تقوم Heather Bird بالخروج الى الشارع في فترة الالم المنبعث عن الصداع النصفي تزداد على الفور قوة موجات الالم إذا كان الخروج في فترة ضوء الشمس. هذا على الرغم من ان بيرد عمياء تماما وليس لها القدرة على التفريق بين الضوء او نصف الضوء في الشارع.
ماتعايشه هيزر بيرد يتكرر مثيلا له لدى الملايين من الناس المصابين بالصداع النصفي. الغالبية العظمى منهم يشعرون ان الوجع يتزايد عند التعرض للضوء وهي حالة تسمى photophobic. هذا يعني ان الكثيرين يضطرون الى استخدام نظارات شمسية طول اليوم، بسبب انه حتى الضوء الضعيف يؤدي الى زيادة الالم. هذا الامر يجعل المرء معوقا لعدم القدرة على ممارسة فعاليات يومية مثل سياقة السيارة او القراءة والكتابة او العمل. الوجع النصفي يؤثر على الحياة العائلية والاجتماعية والعمل ويضر بالكفائة والقدرة على الاستمتاع الطبيعي بالحياة. هذا الامر هو الذي يجعل الصداع النصفي احد عشرين مرضا عالميا من بين الاكثر التي تؤدي الى تعطيل واضرار السنوات الاكثر إنتاجية في حياتنا.
وعلى رغم هذا النصنيف بقي المرض معضلة غير محلولة حتى تمكنت اخيرا مجموعة باحثين امريكيين من كشف اسراره. على قمة هذه المجموعة يقف البروفيسور الاسرائيلي رامي بورستيين Rami Burstein, ومركز هارفارد الطبي في بوسطون الامريكية.
في العالم يوجد مابين عشرة الى خمسة عشرة بالمئة من السكان يعانون من الصداع النصفي. لانعلم السبب الدقيق لظهور المرض ولكن نعلم ان الاوردة الدموية الرئيسية فوق الدماغ تتوسع في لحظة النوبات، وعلى الاغلب هذا الذي يؤدي الى بعث الالم. النوبة الواحدة تستمر مابين اربعة ساعات وبضعة ايام وتبدأ غالبا بمشاعر من الالم كقرعات الطبول في نصف من انصاف الدماغ يتبعها شعور بالقئ والانزعاج العام وايضا حساسية مرتفعة من الضوء.
عندما لاحظت مجموعة البحث ان المبصرين وانصاف المبصرين وحتى العميان يزداد الصداع النصفي لديهم سوءا عند التعرض للضوء اصبح ظاهرا ان الخلايا الضوئية في الشبكة العينية المسؤولة عن البصر ليست هي المسؤولة عن نقل الاحساس بالضوء. من اجل تجربة مدى صحة هذه الفرضية وتحديد الخلايا المسؤولة قام الباحثين بالتجربة على اشخاص عميان تقريبا وعميان تماما.
عثر الباحثين على عشرون شخصا ملائما ومن بينهم هيزر بيرد. ستة منهم كانوا عميان تماما وليست لديهم اية فكرة عن الضوء. البقية كانوا عميان تقريبا ولكنهم يستوعبون معنى من معاني الضوء. الاشخاص الستة لم يعايشوا ازدياد في الالم عند التعرض للضوء في حين ان البقية كان الالم يزداد لديهم. لقد تمكنوا من وصف كيفية زيادة الالم عندما جرى تعريضهم للضوء، بما فيه الضوء بواسطة موجات اشعة رمادية او زرقاء.
هذا الاكتشاف عزز القناعة لدى مجموعة البحث على ضرورة التعمق في دراسة الجزء الذي لازال فعال من خلايا الشبكة العينية لدى اشباه العميان. على الفور ظهر انها مجموعة خاصة من الخلايا تملك نوع من الفوتو بيغمنت اطلق عليه ميلانوبسين melanopsin, or retinala ganglion cell, تحوي على الميلانوبسين. هذه الخلايا هي المستقبلات الضوئية الوحيدة التي لازالت عاملة لدى اشباه العميان.
من اجل التحقق من ان خلايا الميلانوبسين هي التي تقوم بوظيفة النقل بين الضوء والالم عاد الباحثين الى المختبر لتجربة الامر على الجرذان. في البدء جعلوا الجرذان تصاب بالصداع النصفي بمساعدة الادوية وبعد ذلك عرضوهم للضوء. وقام الباحثين ببخ صبغيات في عيون الجرذان لتساعدهم على ملاحقة مسيار اشارات الخلايا العصبية. الصبغيات ذهبت من خلال خلايا الميلانوبسين الى الخلايا العصبية في التلاموس الواقع في مركز الدماغ ومن هناك جرى تنشيط الشعور بالالم. عندما وضع الباحثون اليكروتدات صغيرة في الخلايا العصبية للتلاموس ظهر لهم ان الضوء كان دافعا على بعث متوالية من الاشارات الكهربائية. هذه الاشارات الكهربائية هي التي تؤدي الى زيادة كمية الالم عند المصابين بالصداع النصفي. في بعض الحالات يزداد الالم بعد 500 ميلي من الثانية وفي حالات اخرى احتاج الامر الى خمسة دقائق.
وحتى بعد اطفاء الضوء استمرت الخلايا العصبية في نشاطها كباعث على الالم. هذا الامر يفسر لماذا يشعر المصاب ان الالم تزداد شدته بعد ثوان من تعرض العيون للضوء في حين ينخفض الالم فقط بعد ان يمضي المصاب في الظلمة مابين 20 الى 30 ثانية. بذلك يكون السر هو الخلايا الحساسة للضوء والغنية بالميلانوبسين والتي تبقى فعالة حتى عند اشباه العميان.
هذا الاكتشاف يساعد على منع بعث الالم في التلاموس من خلال قطع الطريق على الاشارات العصبية بين الخلايا الضوئية والتلاموس، بحيث ان المصاب بالصداع النصفي يبقى قادر على التعرض للضوء بدون الحاجة الى ازدياد الامر سوء.
الصداع النصفي كان معروفا لدى القدماء منذ العصر الاغريقي على الاقل. هيبوقراطيس، Hippokrates, الذي يعتبر مؤسس الطب، والذي كان يعيش في القرن 400 قبل الميلاد كان يعتقد ان الصداع النصفي يسببه المناخ والتفكير والحاجات الجنسية. في القرن 300 ميلادي وصف المرض الطبيب الاغريقي Oreibasios واشار اليه على انه وجع نصف الرأس، ويسببه التهاب الاغشية الدماغية. ولتخفيفه اقترح المسح بدهن الورد والنوم وشراب البابونج. في القرن 500 اشار الطبيب الاغريقي الكسندر من تراليس Alexander from Tralles ان الصداع النصفي يحدث بسبب الروائح القوية وشراب المسكرات والضوء الشديد.
——-
الله يعينكم انا مرات يعورني راسي من ظروسي ما اتحمل صج الله يعينكم
بس بسال هل للصداع علاج بالكويت حاليا