|
الحمد لله، الصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فلقد رغب الله -تعالى-
عباده المؤمنين في البذل والإنفاق، ووعدهم على ذلك الأجر العظيم،
قال -تعالى-:
( مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ
سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )
(البقرة:261).
وعن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال :
( اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بَشِقِّ تَمْرَةٍ )
(متفق عليه).
وعن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-،
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ :
( مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَاد فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانَ يَنْزِلاَنِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا :
اللهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا )
( متفق عليه )
وعنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
قال :
( قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ )
(متفق عليه)
وعن جابر -رضي الله عنه-
قال :
" مَا سُئِلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئًا قَطُّ فَقَالَ : لا "
( رواه مسلم )
فلا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تلق
أخاك بوجه طليق -مبتسم- فهي صدقة،
والإنفاق في سبيل الله من أفضل الأعمال وأزكاها،
فهو يزكي النفس، ويطهرها من رذائل الأنانية المقيتة،
والأثرة القبيحة، والشح الذميم.
وقال ابن القيم -رحمه الله- في شأن الصدقة :
" إن للصدقة تأثيرًا عجيبًا في دفع البلاء
حتى ولو كانت من فاجر وظالم،
فإن الله -تعالى- يدفع بها عنه أنواعًا من البلاء،
قال -تعالى-:
( وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ )
(محمد:38)،
وقال -تعالى-:
( قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ
وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ )
(سـبأ:39).
وقال -صلى الله عليه وسلم-:
( مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا،
وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ )
(رواه مسلم).
دعوة للإنفاق :
قال الله -تعالى-:
( الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ
مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )
(البقرة:268).
وقال -تعالى-:
( هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ
وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ
وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ )
(محمد:38).
وقال -تعالى-:
( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ
مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا )
(الطلاق:7).
وعلى عيالك -أيضًا- صدقة :
قال -صلى الله عليه وسلم-:
( أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ،
وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ،
وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ )
(رواه مسلم).
وقال -صلى الله عليه وسلم-:
( إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةً وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا، فَهِيَ لَهُ صَدَقَةٌ )
(متفق عليه)،
و( يَحْتَسِبُهَا) أي : يقصد بها وجه الله والتقرب إليه،
وذلك؛ لما فيه من أداء الواجب وصلة الرحم.
بل حذر النبي -صلى الله عليه وسلم-
من تضييع الأهل وعدم النفقة عليهم،
فقال :
( كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ )
(رواه الإمام أحمد وحسنه الألباني)،
أي :
لو لم يكن له من الإثم إلا هذا التفريط في حق عياله
كفاه في المؤاخذة عليه؛ لعظمه عند الله،
وهذا يدل على حرمة إهمال
شأن العيال،
وعدم النفقة عليهم.
منورين الموضوع