بسم الله الرحمن الرحيم
الله سبحانه و تعالى جعل سعادة الدارين بمتابعته و جعل شقاوة الدارين في مخالفته , و الله جل جلاله يخلق ما يشاء و يختار و هذا الاختيار و التخصيص دال على ربوبية الله تعالى ووحدانيته ز
و قد اختار الله الأنبياء صلوات الله عليهم من ولد آدم و هم أربعة و عشرين و مائة ألف نبي , ثم اختار منهم الرسل عليهم السلام و هم ثلاثة عشر و ثلاثمائة رسول , ثم اختار منهم أ,لي العزم و هم : نوح و ابراهيم و موسى و عيسى و محمد صلى الله عليهم و سلم , ثم اختار منهم الخليلين و هم : ابراهيم و محمد عليهم السلام , ثم اختار سيد ولد آدم و هو محمد صلى الله عليه و سلم .
ان الألباب و العقول مضطرة لمعرفة سيرة الرسول عليه السلام لأهميتها لأن لا سبيل الى السعادة و النجاح و الأنس و الفلاح الا في تصديق الرسول عليه السلام فيما أخبر و طاعته فيما أمر و الانتهاء عما نهى عنه , و قد جعل الله تعالى سنة نبيه و سيرته عصمة لمن لجأ اليها و جنة لمن تمسك بها .
حياة الرسول عليه السلام قبل البعثة :
ان الرسولالكريم هو خير أهل الأرض نسبا على الاطلاق . فهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن عدنان و تمتد سلاله الرسول الى سيدنا ابراهيم هليه السلام خليل الله و قد اتخذه الله خليلا و الخلة أعلى مقامات المحبة , ابراهيم عليه السلام سأل الله تعالى بأن يرزقه الأولاد في الكبر فرزقه الله باسماعيل و هو في سن الثمانين .
و قد ابتلى الله تعالى سيدنا ابراهيم بالمنام بأن يبتر ابنه اسماعيل فحزن حزنا شديدا ولكن عمل بما امره الله تعالى امتثالا لأمره فبارك الله تعالى في نسله و جعلهم خير آل و اختصهم بالنبوة و الارسال .
مولد الرسول عليه السلام و نشأته :
ولد الرسول صلى الله عليه و سلم في عام الفيل و توفي ابوه عبدالله و هو جنين في بطن أمه و توفيت أمه و هو في سن الستبعة من عمره , ثم تكفل به جده عبد المطلب .
زواج الرسول عليه السلام من السيدة خديجة بنت خويلد عليها السلام :
تزوج الرسول الكريم من السيدة خديجة عليها السلام و هو في الخامسه و العشرين من عمره و هي كانت في سن الأربعين , و كانت أول زوجات الرسول عليه السلام , و قد أتى جبريل عليه السلام الرسول الكريم ليبشر السيدة خديجة عليها السلام بأن لها بيت في الجنة , و كان الرسول يحبها حبا شديدا .
أولاد الرسول عليه السلام و ذريته :
رزق الرسول الأولاد من بنات و بنين من زوجته خديجة عليها السلام :
القاسم و هو الأكبر و لقب بسيد الثقلين , ثم عبدالله الملقب بالطيب و الطاهر و قد ماتا و هم صغيرين .
و رزق ب أربعة بنات :
– زينب عليها السلام و هي أكبر البنات و قد زوجها النبي لاب خالتها ابي العاص ابن الربيع رضي الله عنه و قد أنجبت له عليا و أمامة , و توفي ابنها عليا و هو صغير ثم توفيت ابنته زينب عليها السلام .
– ثم رقية رضي الله عنها فقد زوجها النبي لعثمان بن عفان و رزقا بعبدالله , ثم مرضت عليها السلام بعد هجرتها الى المدينة بعامين , وتوفيت و رسول الله منصرف منتصر في غزوة بدر لتمتزج حلاوة النصر بمرارة الصبر .
– ثم أم كلثوم رضي الله عنها فقد تزوجت عثمان بن عغان بعد وفاة اختها بستة أشهر و توفيت و لم تلد له , فسمي ذا النورين لأنه تزوج اثنتان من بنات الرسول الكريم .
– ثم فاطمة عليها السلام و هي أصغرهم فقد زوجها الرسول عليه السلام ابن عمه علي بن أبي طالب فكان له نعم الصهر وولدت له الحسن و الحسين و زينب و أم كلثوم , و كانت فاطمة أحب الناس اللى أبيها .
و جميع بنات الرسول الكريم توفين قبله الا فاطمة رضي الله عنها فقد توفيت بعده بستة أشهر و كان الرسول الكريم لشدة حبه لابنته فاطمة كان يحب الحسن و الحسين رضي الله عنهما و كانا ريحانته بالدنيا , فقد قبل الرسول الكريم الحسن ابن علي رضي الله عنهما و عنده الأقرع بن حابس التيمي , فقال الأقرع:اني لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا ! , فنظر اليه الرسول عليه السلام ثم قال: من لا يرحم لا يرحم أرأيت ان كان الله نزع الرحمة من قلبك فما ذنبي !! .
و جميع أولاد الرسول كانوا من زوجته خديجة عليها السلام سيدة نساء العالمين . الا ابنه ابراهيم فأمه ماريا القبطية وفرح به الرسول فرحا شديدا ثم توفي فحزن و صبر على قضاء الله تعالى .
بعثة الرسول عليه السلام :
لما كمل الرسول الكريم تمام الأربعين هو السن الذي تنضج فيه عقول الرجال رأى في منامه رؤي الصلاح , فتعبد في غار حراء بعيدا عن الأصنام حتى أشرق عليه نور النبوة و أكرمه الله تعالى بالرسالة و الاصطفاء , و كانت مبعثه الى الثقلين في يوم الاثنين و كذلك كانت ولادة النبي في اليوم الاثنين لهذا يستحب الصوم في هذا اليوم .
لما جاء الوحي النبي الكريم ب (اقرأ باسم ربك الذي خلق) , خاف الرسول خوفا شديدا و ما أجاب و لا نطق و رجع الى زوجته خديجة عليها السلام يرتجف و ترتعد أركانه فقامت بتهدئته .
بين أذى الأقربين و ندى الأعجمين :
بعد الوحي عرف الرسول بأنه مبعوث من عند الله تعالى ليهدي القوم الضالين الى السراط المستقيم فكان يصيح في قومه أشد الصياح و كان أقرب الناس الى النبي لم يهتدوا و ضلو عن سبيل الله كعم النبي عبد العزى و عمه أبي طالب الذي كان في ملة عبد المطلب غريق .
وقد أسلم الصهيب الذي أتى من الروم , و سليمان يهرب من فارس ليلحق بالرسول الكريم في دينه و قد هداه الله تعالى فوجد نفسه في هذا الدين بعد قصة طويلة من التعذيب ليرى نور الاسلام .
الاسراء و المعراج :
لقد ابتلى الرسول عليه السلام بموت عمه و زوجته في عام واحد , فسلى الله تعالى نبيه برحلة الاسرى من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى .
فأخذه الله تعالي بحصان أبيض الى بيت المقدس و و قد رأى الرسول عليه الصلاة و السلام سيدنا موسى و عيسى بن مريم و سيدنا ابراهيم و قد رأى سيدنا آدم عليه السلام و سيدنا يوسف و ادريس و هارون و غيرهم , ثم أدخله الله تعالى الى الجنة و بما فيها من جمال و روعة , و في هذا اليوم خفف الله تعالى الصلوات على المسلمين من خمسون صلاة الى خمسة صلوات في اليوم .
و كان موقف الناس من الاسراء و المعراج فبعضه صدق و بعضه أنكر و أبى و لكن قطع الرسول الكريم الشك باليقين حين وصف المسجد للناس و قد أحسن وصفه .
دعوة الرسول عليه السلام لأهل الطائف و أهل يثرب :
فكان أهل الطائف أشد المصائب و الفتن و الأخطار على الرسول الكريم اشد من غزوة احد , على عكس ما كان عليه أهل يثرب فقد جاهدوا في نصرته بأموالهم و أنفسهم و كانوا من الصادقين .