|
بسم الله الرحمن الرحيم
مقال عن يدعو الاسلام الى حفظ عورات المسلمين !!!!!
قال الله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم (12) (الحجرات).ويقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "يا معشر مَنْ آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبه: لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من اتبع عوراتهم، يتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته"(أخرجه أبوداود في: السُّنن، حديث حسن صحيح). إن من أكثر الأمراض الأخلاقية والآفات الاجتماعية التي يعاني منها بعض الأفراد والمجتمعات تتبع العورات: وهو متابعة البحث، والتفتيش عما خفي مما يستحيي الناس، ويستنكفون من إظهاره صواباً أو خطأ، مدحاً أو قدحاً، ومنها محاولة متابعة ومشاهدة شاشات المشتركين في الشبكة. ومعرفة كل صغيرة وكبيرة وأي الصفحات يزورن وماذا يفعلون وماذا يوجد على أجهزتهم من وثائق شخصية كالصور والرسائل وغيرها من الأمور فقط لكي يثبت لنفسه أن أستطاع أن يخترق الجهاز الفلاني وليحدث أصدقائه عن هذا الإنجاز العظيم !!
ومن آثار تتبع العورات زرع الأحقاد، والضغائن في النفوس بين الناس وذهاب الهيبة، وخسران الثقة فلا يثق فيك أحد بعد هذا العمل إضافة الى التورط في مزيد من الفسق والفجور والفضيحة في الدنيا والآخرة.
ومنها أيضا هدر المتتبع لعورات الناس حرمات نفسه ذلك أن المتتبع لعورات الناس قد أهدر حرمة الآخرين وأقل عقاب له في الدنيا أن تهدر حرمته هو، من باب:
(وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين (40) (الشورى)، وقال الله تعالى: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين " (194) (البقرة).
وهذا ما نبَّه إليه النبي في قوله: "من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حلَّ لهم أن يفقؤوا عينه، ففقؤوا عينه، فلا دية له، ولا قصاص"
آثار تتبع عورات الناس
وتتعدد آثار تتبع العورات سواء على العاملين أو على العمل الإسلامي:
أ على العاملين:
لتتبع العورات آثار على العاملين، نذكر منها:
1 زرع الأحقاد، والضغائن في النفوس:
ذلك أن لكل حرمته في دينه، ودمه، وعقله، وعرضه، وماله، وإذا ما انتهكت هذه الحرمة، فإنها تورث في النفس الأحقاد، والضغائن من باب غضبة المرء لحرماته، لا سيما إذا عجز هذا المرء عن الثأر لهذه الحرمات.
2 ذهاب الهيبة، وخسران الثقة:
ذلك أن الناس ينظرون إلى من يتتبع العورات أنه غير آمن على حرمات الناس، فيسحبون منه الثقة، وتسقط هيبته من نفوسهم. وماذا يبقى للمرء بعد سحب الناس ثقتهم به، وزوال هيبته من نفوسهم؟
3 التورط في مزيد من الفسق والفجور:
ذلك أن المتتبع لعورات الناس، قد يطلع على ما يسوء ولا تحمد عقباه، فيقوده ذلك إلى مزيد من الفسق، والفجور، كالغيبة، والنميمة وحب الثأر المتمثل في سفك دم أو انتهاك عرض أو سلب مال ونحو ذلك، وقد نبَّه إلى هذا رب العزة سبحانه إذ يقول: ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم (12) (الحجرات).
4 حلول الغضب الإلهي:
ذلك أن المتتبع لعورات الناس، قد خالف حكم الله ورسوله { في حرمة التجسس، وتتبع عورات الناس، ومن يخالف حكم الله ويتمادى في ذلك، ولا يتوب يحلل عليه الغضب الإلهي، وقد قال الحق سبحانه: ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى" 81 (طه).
5 الفضيحة في الدنيا والآخرة:
يتمثل الغضب الإلهي الذي ينزل بمن يتتبع عورات الناس في صور لا حصر لها، ومنها فضيحة الدنيا والآخرة جزاءً وفاقاً لأنه فضح الناس ففضحه الله عز وجل.
6 هدر المتتبع لعورات الناس حرمات نفسه:
ذلك أن المتتبع لعورات الناس قد أهدر حرمة الآخرين وأقل عقاب له في الدنيا أن تهدر حرمته هو، من باب: وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين 40 (الشورى)، و قوله تعالى:"فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين 194 (البقرة).
وهذا ما نبَّه إليه النبي { في قوله: "من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حلَّ لهم أن يفقؤوا عينه، ففقؤوا عينه، فلا دية له، ولا قصاص".
7 حمل الآخرين على أن يشتغلوا بعورات غيرهم:
ذلك أن تتبع عورات الناس سيعلِّم الآخرين، لا سيما الناشئة ومن لا حصانة لديهم على أن يشتغلوا بتتبع عورات غيرهم، فيكسب من علَّمهم ذلك: إثمين: إثم نفسه، وإثم من اقتدى به، وسار وراءه من باب: "… ومن سنَّ سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً".
ب على العمل الإسلامي:
ولتتبع عورات الآخرين كذلك آثار على العمل الإسلامي، نذكر منها:
1 الفرقة والقطيعة:
ذلك أن امتلاء الصدور بالأحقاد، والضغائن، والتورط في مزيد من الفسق، والفجور، كل ذلك يؤدي إلى تسويد القلوب، ومن ثمَّ الفرقة والقطيعة، كما قال الحق تبارك وتعالى: " إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون 159 (الأنعام).
2 الحرمان من العون الإلهي:ذلك أن الفرقة والقطيعة ليست من دين الله في شيء، وقد مضت سنته سبحانه أن يخذل كل من أتى ما يخالف منهاجه، ويضاد حكمه، كما صنع سبحانه مع أهل الكتاب، إذ يقول: "ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم" 105 (آل عمران).
3 كثرة التكاليف وطول الطريق:ذلك أن الخذلان الإلهي لمتتبعي عورات الناس يتمثل في صور منها: الوقوع فريسة في أيدي الأعداء، وعبث هؤلاء بالمناهج والقيم، والمبادئ، ويحتاج المسلمون للتخلص من سيطرة هؤلاء الأعداء إلى زمن طويل، مع جهد كبير، ومعاناة ومشقات، على نحو ما هو قائم، وواقع ببلاد المسلمين اليوم وعلى نحو ما حلَّ بهم منذ أكثر من قرنين من الزمان!.
أسباب تتبع العورات
هناك أسباب تؤدي إلى تتبع العورات منها:
1 سوء التربية الأسرية:ذلك أن الأسرة إذا كانت حياتها مبنية على تتبع العورات، ولم تتعهد صغارها على الأقل بالتنفير من هذا الفعل، وتقبيحه، فإنه ينشأ وفي دمه الاطلاع على العورات، بل الترصد لها، والتجسس عليها.
2 ضعف الإيمان:
ذلك أن المرء إذا كان ضعيف الإيمان بالله، والعاقبة، والمصير: استهان بالعورات، ففتش عنها، وتجسس عليها بكل الأساليب والوسائل.
3 أصدقاء السوء:
ذلك أن المرء إذا عاش بين أصدقاء السوء، وكان من أخلاقهم تتبع العورات، والتفتيش عنها، والتجسس عليها، فإنه يتأثر بهم غالباً، لا سيما إذا لم يكن قوي الشخصية.
4 مرض القلب:
ذلك أن المرء إذا كان مريض القلب لاقترافه المعاصي والسيئات فإنه يستهين بالعورات، ويعمل بطريقة أو بأخرى على ترصدها، واقتناص ما يُمكن اقتناصه منها.
وفي حديث حذيفة رضي الله عنه ما يصور أثر القلب المريض على صاحبه، إذ يقول {: "تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً، فأيُّ قلب أُشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأيُّ قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين: على أبيض مثل الصفا، لا تضره فتنة مادامت السموات والأرض، والآخر أسود مرباد كالكوز مجخياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، إلا ما أشرب من هواه"[/COLOR).
5 عدم الاحتراز من مواطن الريبة والتهمة:
ذلك أن المرء قد لا يحترز من مواطن الريبة، والتهمة، فيفتح الباب أمام المتطفلين، ونحوهم أن يظنوا به سوءاً، ويحملهم هذا الظن على التجسس وتتبع العورات للتحقيق، والتأكد، وذلك فيه من الخطورة ما فيه، لهذا جاء في الحديث قوله {: "… فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه…" ، وقوله {: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" .
6 الاستخدام من قبل جهات لا تخشى الله والدار الآخرة:
ذلك أن هناك جهات لا تخشى الله والدار الآخرة، وليس لها همٌّ سوى الاطلاع على العورات، وتوظيفها بما يناسب أهواءها، ومشاربها، وقد لا تستطيع الوصول إلى ما تريد بنفسها، أو تستطيع ولكنها لا تحب الكشف عن هويتها فتستخدم بعض الأغرار في تتبع العورات والتجسس عليها.
7 الظفر بالعثرات لتكون أداة ضغط لخدمة أهداف معينة:
ذلك أن المتربصين بالناس الدوائر، قد لا يجدون تحقيق أهداف بعينها إلا عند طائفة ما من الناس، ويصعب عليهم شراء ذمم هؤلاء، ولا يبقى أمامهم سوى الظفر ببعض العثرات، حيث إن كل بني آدم خطاء، ويجعلون من هذه العثرات أدوات ضغط على هذه الطائفة لتحقيق ما يريدون.
8 الفراغ:
ذلك أن الفارغ من الناس يملي عليه الشيطان الدخول في سُبُل لا حصر لها، ومنها تتبع العورات لملء هذا الفراغ، وتستجيب النفس الأمارة بالسوء لذلك، فيكون التورط في هذه الآفة، وصدق النبي { الذي يقول: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ"، والذي يقول: "اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك".9
تقصير المجتمع في واجبه نحو متتبعي العورات:
ذلك أن على المجتمع أن يقوم نحو بعضه البعض بواجب إنكار المنكر، وإلا تحولت الأرض إلى بؤرة من الشر والفساد، يشيع فيها انتهاك الحرمات. وتتبع العورات مِنْ أنكر المنكرات، وحين يقصِّر المجتمع في واجبه نحوه، يشيع ويتفشى بين الناس حتى يصير كأنه السمة العامة للمجتمع.
10 عدم قيام ولي الأمر بواجبه نحو تتبع العورات:
ذلك أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وحين لا يقوم ولي الأمر بواجبه نحو تتبع العورات من التحذير، ثم التعزير فإن هذا الوباء يتفشى، وينتشر بين الناس، وذلك فيه من الخطورة ما فيه.
و في الختام نسأل أن يبصرنا بعيوبنا و أن يستر عوراتنا و ان يحفظنا من كيد الكائدين و مكر الغادرين فهو ولي ذلك و القادر عليه و الحمد لله رب العالمين.
جزاك الله كل خير
ووفقكي لما يحب و يرضا