|
|
نعم هي ظاهرة بكل المقاييس فمنذ سنواتٌ عدّة أصبح من الصعب أن يكون لدى الوالدين ثقةٌ بأن هذا المولود سيكون سليماً دون أن يكون قد تعرض لخلعٍ أثناء الولادة ,, وهي عملية ذات إسم على مُسمّى أي أن الخلع يأتي بسبب الطريقة التي ولد فيها الجنين , وأن هناك خطأ بشريا طبيا إقترفه من أشرف أو قام على عملية الولادة ,, ومن التناقضات العجيبة التي يجب أن نذكرها لإثبات أن معظم هذه الحالات تأتي بأخطاء مباشرة من أخصائية التوليد أو (الداية)كما يسمونها بالعامية ,, أننا قديماً لم نسمع إطلاقاً بحالات خلعٍ الولادة بهذا الكم الكبير الذي يحتاج إلى وقفة طويلة من أجل الوقوف على أسبابه ومسبباته ,, حيث كانت نادراً ما تحدث مثل هذه الحالات سواء كان ذلك في المدينة أو حتى في الأرياف والبوادي رغم أن (الدا ية) في ذلك الزمان لم تكن تحمل أي شهادة طبيّة ولا علمية وربما لم تدخل المدرسة في حياتها لتحمل شهادة تخوّلها كي تصبح كذلك ,, وعلى الأغلب هي إمرأة عاميّة إكتسبت هذه المهنة عبر الخبرة أو بالوراثة عن والدتها أو جدتها أو أحد أفراد العائلة ومارستها في بيوت الشَعر والكهوف وكانت الأمور على خير مايرام ,,وكثير ممن هم أحياء بيننا الآن وأصبحوا في مراكز حساسة ومناصب عُليا جاءوا على هذه الأرض بولادة عن طريق (الدايه) في بيوتهم ولم يصلوا لا مستشفى ولا مركزا طبيّا , وعاشوا أصحاء لا يشكون أي مشكلة في الساقين أو الحوض إذاً فأين الخلل …؟ ,, سؤال يحتاج إلى جواب مقنع من الأحبة كلٌ ضمن إختصاصه . فنحن اليوم في القرن الواحد والعشرين وفي عصر العلم والتكنولوجيا والهاتف النقال والستلايت والأقمار الصناعية وإجراء عمليات طبيّة عبر المحيطات بواسطة اللاسلكي والذبذبات وما شابه ذلك ,, أضف إلى ذلك المعاهد والمدارس والجامعات التي تقوم بتخريج أفواجٌ كثيرةٌ من الفتيات اللواتي يحملنَّ هذه المهنة الإنسانيّة ويمارسنها بشكلٍ يوميّ بعد الحصول على الشهادة والخبرة,, وكذلك الدورات المتكررة والمتتالية التي تقوم بها المستشفيات والمراكز الصحية سواء أكانت في القطاع العام أو الخاصّ ,, ومع هذا كله فما زالت المشكلة أو الظاهرة قائمة إذا جاز لنا التعبير .. وها نحن نسمع عن حالات كثيرة من خلع الولادة بعد الفحص الدوري والذي عادة ما يتم تحديده من قِبل أطباء الاختصاص أو أقسام الولادة , على أنه يجب أن يكون بعد الشهر الثالث .. وهذا من شأنه أن يسبب هماً كبيراً للأم ورب الأسرة والطفل نفسه .. فهذا الجهاز الذي سيبقى أشهر طويلة على حوض الطفل هو أشبه بالعذاب النفسي والجسدي للطفل والأم على حدٍ سواء ,, والأهم من هذا وذاك أن هذا الخلع إذا ما بقى على ما هو عليه فهذا يعني الكارثة خاصة إذا كان المولود أنثى حيث أنه يتسبب في عيبٌ واضح في القدمين وهنا أقصد في موضوع المسير (المشي) حتى أنهم يطلقون على هذه الحالة (الإعاقة) وأن المُصاب بها هو في الحقيقة مُعاق مع إحترامي الشديد لكل من يعاني من خلع الولادة علماً أنه يفترض أن ننظر إليه بعين من الإنسانية والرأفة لأن الفتاة والشاب ليس لهم دخل بما حدث لهم …!المهم علينا أن نعترف أن هذا ليس بالشيء السهل ولا الهيّن في حياة المصاب , إذ أنه يعني الكثير الكثير للشاب والفتاة ويسبب إحراجات وحجر عثرة في مسيرة ومستقبل الشاب أو الفتاة .. وله تأثير واضح لا مجال للشك فيه على زواج الفتاة وطريق حياتها ..
نعم أحبتي إنها مشكلة تحتاج إلى حل سريع وتبيان الأسباب التي تؤدي في كل يوم إلى خلع ولادة لجنين هنا وطفل هناك .. رغم أنني أجزم بأن السبب الرئيسي يكمن في وجود خطأ بشري واضح يتمثل في طريقة التعامل مع الأم وإخراج الجنين , ودليل ذلك أن الطفل الذي يولد بعملية قيصرية في البطن نادرٌ ما يُصاب بخلع ولادة .. إذا هناك قلة خبرة أو قسوة في بعض الأحيان من بعض السسترات أو الممرضات أو الدايات عند التعامل مع الأم الحامل التي حضرت للولادة وإلا لماذا كل هذه الأعداد المصابة بخلع في الولادة من كلا الجنسين ..
نتمنى على الأحبة في وزارة الصحة أن يكون هناك وعي وتثقيف وإرشاد مستمر على كل من تعمل في هذه المهنة الحساسة جداً من أجل الرحمة بأطفالنا وذويهم .. ومعاً من أجل جيل من الأطفال والشباب سليماً معافى في هذا الوطن الحبيب..
موضوع أعجبني لأهميته ونقلته لكم عن جريدة الرأي الأردنية