|
عجبتنى هذى الكلمات وحبيت انقلها لكم لكل مبتلى بالوسواس في الطهارة أو النية أو الصلاة أو الطلاق أو غيرها سائله
الله العلي العظيم رب العرش الكريم أن يشفيهم ويعافيهم ويكشف كروبهم فأقول :
– على كل مبتلى بشيء من الوسواس أن يدرك أن هذا ابتلاء وامتحان من الله سبحانه وتعالى فعليه أن يتذرع بالصبر والاحتساب رجاء الأجر والثواب من الله , وليعلم أن مايصيب المؤمن من الهم والنصب حتى الشوكة يشاكها يكفر الله به من خطاياه , بشرط الصبر والاحتساب , فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط .
2- على من ابتلي بشيء من الوسواس أن يلجأ إلى الله سبحانه وتعالى بصدق وإلحاح وتضرع وافتقار وليعلم أن الدعاء من أعظم مايستدفع به هذا البلاء وتستنزل به عافية الله سبحانه , وهذا هو هدي محمد صلى الله عليه وسلم فإنه حين سُحر صلى الله عليه وسلم دعا الله سبحانه وتعالى وألح في المسألة حتى شفاه الله روى البخاري في صحيحه عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – قَالَتْ سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – رَجُلٌ مِنْ بَنِى زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ ، حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّىْءَ وَمَا فَعَلَهُ ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهْوَ عِنْدِى لَكِنَّهُ دَعَا وَدَعَا ثُمَّ قَالَ « يَا عَائِشَةُ ، أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِى فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ ، أَتَانِى رَجُلاَنِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِى ، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَىَّ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ فَقَالَ مَطْبُوبٌ . قَالَ مَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ . قَالَ فِى أَىِّ شَىْءٍ قَالَ فِى مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ ، وَجُفِّ طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ . قَالَ وَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِى بِئْرِ ذَرْوَانَ » . فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فِى نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَجَاءَ فَقَالَ « يَا عَائِشَةُ كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ ، أَوْ كَأَنَّ رُءُوسَ نَخْلِهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ » . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ أَسْتَخْرِجُهُ قَالَ « قَدْ عَافَانِى اللَّهُ ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ شَرًّا » . فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ .
فقولها رضي الله عنها لكنه (دعا ودعا ) صريح في إلحاحه صلى الله عليه وسلم في المسألة وشدة تضرعه , والإلحاح والتضرع محمودان في الدعاء وهما من أعظم أسباب القبول .
3- على من ابتلي بالوسوسة أن يدرك أن أمراض النفس كأمراض البدن وأن من نعم الله على عباده في هذا الزمن ماشهده الطب النفسي من تطور وتقدم , وأن على المريض النفسي كما يراجع طبيب الأنف والأذن والحنجرة إذا التهبت لوزتاه أن يراجع الطبيب النفسي إذا عرض له عارض نفسي , وليعلم أنه ليس بحاجة إلى فتوى أو إقناع وإنما هو بحاجة إلى علاج نفسي , وقد سألت بعض المختصين المتميزين في الطب النفسي عن الوسواس فقال : إنه خلل يحدث في بعض وظائف المخ والغدد وأن علاجه بالعقاقير الطبية ناجع ومفيد .
4- ليس في مراجعة الطبيب النفسي عيب لمن ابتلي بشيء من هذه الوساوس , فهو فرع من فروع الطب وقد أصبحت الحاجة ماسة إليه مع ازدياد ضغوط الحياة وتسارعها , ولكن العيب أن تطول معاناة المريض النفسي وتفسد عليه عبادته وحياته وهو محروم من العلاج حياء وخجلا من الناس في أمر لايد له فيه , فالمرض من الله , والأخذ بالأسباب من العقل والدين .
اللهم اشف مرضانا وعاف مبتلانا اللهم صل وسلم على محمد وآله وصحبه . والله أعلم