يزعم بعض الناس أن الدين الإسلامى يولد العنف النفسى والكبت الأسرى ، ويقصد بالكبت أي الإهانه والذلال ، كبت فلان فلانا أي أهانه وأذله وأخزاه .( 1 )
فيقول علماء النفس الغربيون عن الدين أنه يكبت النشاط الحيوى للإنسان ، ويظل ينكد عليه حياته نتيجة الشعور بالإثم ، ذلك الشعور الذى يستولى على المتدينين خاصه ، فيخيل لهم أم كل ما يصنعونه خطايا لا يطهرهم إلا الإمتناع عن الملذات ، فنرد على هؤلاء أن الكبت ليس هو الإمتناع عن إتيان العمل الغريزى كما يخيل للكثيرين ، وانما ينشأ الكبت من استقذار الدافع الغريزى فى ذاته ، وعدم اعتراف الإنسان بينه وبين نفسه على أن هذا الدافع يجوز أن يخطر على باله أو يشغل تفكيره ، فاليس هناك اي دين من أديان العالم أصرح من الإسللامفى الإعتراف بالداوفع الأسريه ، وتنظيف مكانها فى الفكر والشعور يقول تعالى ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضه والخيل المسومة والأنعام والحرث ) فيجمع فى هذه الآيه شهوات الأرض ويقرر أنها أمر واقع مزين للناس ، لا اعتراض عليه .
صحيح أنه لا يبيح للناس أن يناقوا مع هذه الشهوات إلى المدى الذى يصبحون فيه مستعبدين لها ، لا يملكون أمرهم منها ، فالحياه لا تستقيم مع هذا الوضع ، والبشريه لا تستطيع أن تحقق طبيعتها التى تهدف إلى التطور الدائم ، فالإسلام لا يبيح للإنسان أن يهبط إلى عالم اللحيوان ،لكن هناك فرق بين هذا الكبت اللاشعورى ، بمعنى استقذار هذه الشهوات فى ذاتها ، ومحاولة الإمتناع بها رغبه فى التطهير والإرتفاع .
وطريقة الإسلام فى معاملة النفس البشريه هى الإعتراف بالدوافع الفطريه من حيث المبدأ وعدم كبتها ، ثم إباحة التنفيذ العملى لها فى الحدود التى تعطى قسطا معقولا من المتاع ، و تمنع وقوع الضرر سواء على الفرد بعينه أو على االمجموع كله . (2)
أما الضرر الذى يحدث فى المجتمع فهو استنفاذ الطاقه الحيويه التى خلها الله لأهداف شتى ، فى هدف واحد قريب وإهمال الأهداف الآخرى ، وتحطم كيان الأسره ، وفك روابط المجتمع وتحوله إلى جماعات متفرقه ( تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ) مما يسهل على غيرهم غزوهم وتحطيمهم كما حدث لفرنسا ، ويطلب الإسلام من هؤلاء الشباب أن يضبط هذه الشهوات دون أن يكبتها .
أما فى ما يتعلق بالعنف الأسري فيقصد به عنف الآباء والأمهات فيما بينهم وضد أبنائهم، وهو عنف بدني ومعنوي يترك أضراراً عديدة.، لضرب الجسدي بكل أشكاله، والحبس في غرف مظلمة، وتشغيل الأطفال في أعمال لا تتفق مع قدراتهم العقلية والجسمية، وإهمال تعليم الأطفال، وإهمال الرعاية الطبية، ونقص الاهتمام العاطفي، ويقصد به حرمان الطفل من الحب والحنان، وتزويج القاصرات، وسوء المعاملة النفسية الذي يقصد به: التهديد، أو الاستهزاء، أو الإهانة، أو المقاطعة عند الكلام، أو الكلام الجارح. (3)
نظر التشريع الإسلامي الى بناء أمة تقوم أسسها على الاستقرار والأمن والعدالة. لذلك حرم الظلم والعنف بين الأفراد على مختلف أجناسهم وأعمارهم، عملاً بقوله تعالى: (يا عبادي، إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا)وقال الرسول الله(ص): (المسلم أخو المسلم لا يظلمه) ، وفيما يخص الأطفال فقد حدد الرسول صلى الله عليه وسلم للأب الذي لا يقبل ابنه (أو أملك إذا كان الله قد نزع من قلوبكم الرحمة). وقال أيضاً: (من لا يرحم لا يرحم) فالإسلام لا يبيح ضرب الطفل إلا في ظرف خاص وشروط خاصة ،و في الحالات النادرة التي سمح فيها الإسلام بضرب الزوج لزوجته فقد جعله مشروطاً باستنفاد الطرق لإصلاح العشرة وإعادة الزوجة الى نصابها، فعلى هذا يكون الضرب ضرباً رقيقاً غير مبرّح ولا مؤذ،على الولي القيم أن يشعر بضرورة التعامل مع من يتولى رعايته ويقوم على أموره بأسلوب الحكمة والعدالة، فلا يتجاوز الحدود التي ترسمها الانسانية، ويخطها التشريع الرسالي الذي يطبع أطر الحياة الصغيرة والكبيرة بطابع الحق والعدل والأخلاقية المتميزة، لتتحول الحياة في كل هذه الأطر إلى واقع يمثل الحنو والحب والرفق واللطف، فنعيش أجواء الرحمة ضمن واقع العدالة. هذا هو النهج الذي أراد الله سبحانه لنا أن نرسمه لواقعنا الداخلي وعلاقتنا مع الأزواج والأبناء. (4)
المراجع
1- أمير عبد العزيز – افتراءات على الإسلام والمسلمين – دار السلام .
2- محمد قطب – شبهات حول الإسلام – دار الشروق – الطبعه الثامنه عشر – 1988 م
3- منتدى الأمومة والطفوله – موضوع العنف الأسرى وأثره على الطفل
4- https://www.algazalischool.com/vb/att…5&d=1228162009