داء القلب ودواؤ
قال الإمام ابن القيم-رحمه الله-:
"والقلبُ: خُلِقَ لمعرفةِ فاطره، ومحبته، وتوحيده، والسرور به، والابتهاج بحبه، والرضى عنه، والتوكل عليه، والحب فيه، والبغض فيه، والموالاة فيه، والمعاداة فيه، ودوام ذكره، وأن يكون أحبَّ إليه مِن كل ما سواه، وأرْجَى عنده مِن كل ما سواه، وأجَلَّ في قلبه مِن كل ما سواه، ولا نعيمَ له ولا سرورَ ولا لذَّةَ، بل ولا حياة إلا بذلك، وهذا له بمنزلة الغِذاء والصحة والحياة، فإذا فَقَدَ غذاءه وصحته وحياته، فالهمومُ والغموم والأحزان مسارعةٌ مِن كل صَوْبٍ إليه، ورهْنٌ مقيم عليه.
ومن أعظم أدوائه:
– الشِّركُ والذنوبُ والغفلةُ.
– والاستهانةُ بِمَحابِّه ومَراضيه.
– وتركُ التفويض إليه، وقِلَّةُ الاعتماد عليه.
– والركونُ إلى ما سواهُ، والسخطُ بمقدوره، والشكُّ في وعده ووعيده.
وإذا تأملتَ أمراض القلب، وجدتَ هذه الأُمور وأمثالها هي أسبابُها لا سببَ لها سِواها، فدواؤه الذي لا دواءَ له سواه ما تضمنتْهُ هذه العلاجات النبوية من الأُمور المضادة لهذه الأدواء، فإنَّ المرضَ يُزال بالضد، والصِّحةُ تُحفظ بالمِثْل، فصحتُه تُحفظ بهذه الأُمور النبوية، وأمراضُه بأضدادها.
فالتوحيد يفتح للعبد بابَ الخير، والسرور، واللَّذة، والفرح والابتهاج.
والتوبةُ استفراغٌ للأخلاط والمواد الفاسدة التى هى سببُ أسقامه، وحِميةٌ له من التخليط، فهي تُغْلِق عنه بابَ الشرور، فيُفتَح له بابُ السعادة والخير بالتوحيد، ويُغْلَق باب الشرور بالتوبة والاستغفار.
الإمام ابن القيم-رحمه الله-
اللهم انك تحب العفو فاعفو عنا ,,,,