تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » اين استعدادك للموت و سكرته ؟؟

اين استعدادك للموت و سكرته ؟؟

الحمد لله حمدًا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه، ومَن سار على نهجه إلى يوم الدين.

وبعدُ:

أيُّها الأحبَّة في الله، كان عمر بن عبدالعزيز – رحمه الله – يجمع العلماء فيتذاكرون الموت والقيامة والآخرة، فيبكون حتى كأن بين أيديهم جنازة، وقال أبو نعيم: كان الثوري إذا ذكر الموت لا ينتفع به أيامًا، فإن سُئِل عن شيءٍ قال: لا أدري، لا أدري.

وقال الدقاق: مَن أكثر من ذكر الموت أُكرِم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومَن نسي الموت عُوقِب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضا بالكفاف، والتكاسُل في العبادة، قال التيمي: شيئان قطعا عنِّي لذَّة الدنيا: ذكر الموت، وذكر الموقف بين يدي الله – تعالى.

فتفكَّر يا مغرور في الموت وسكرته، وصعوبة كأسه ومرارته، فيا للموت من وعدٍ ما أصدَقَه! ومن حاكمٍ ما أعدَلَه! كفى بالموت مقرِّحًا للقلوب، ومبكيًا للعيون، ومفرِّقًا للجماعات، وهادمًا للذات، وقاطعًا للأمنيات، فهل تفكَّرت يا ابن آدم في يوم مصرعك، وانتقالك من موضعك؟! وإذا نقلت من سعة إلى ضيق، وخانك الصاحب والرَّفيق، وهجرك الأخ والصديق، وأُخِذْت من فراشك وغطائك إلى قبرك، وغطوك من بعد لين لحافك بتراب أو رمال، فيا جامعًا للمال، ويا مجتهدًا في البنيان، ليس لك والله من مالك إلا الأكفان، بل هي والله للخراب والدمار، وجسمك مطعم للدود، ثم إلى التراب والمآب، فأين الذي جمعته من المال؟! فهل أنقذك من الأهوال؟! تركته إلى مَن لا يحمدك، وقدمتَ بأوزارك على مَن لا يعذِرك.

فيا أخي الحبيب، أين استعدادك للموت وسكرته؟ أين استعدادك للقبر وضمَّته؟ أين استعدادُك لمنكر ونكير؟ أين استعدادك للقاء العلي القدير؟ أين أنت من قول الله – تعالى -: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُور} [آل عمران: 185]؟

وأين أنت من تحذير الله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لاَ يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُور} [لقمان: 33]، قال سعيد بن جبير: الغرة بالله أن يتمادى الرجل بالمعصية، ويتمنى على الله المغفرة.

اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم، ولا تعذبنا فإنك علينا قادر…

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على خاتم النبيين، وإمام المتقين، وقائد الزاهدين، وسيد الفصحاء، ورأس البلغاء، وخطيبهم إذا وفدوا، والشفيع المشفع إذا وقفوا، وعلى آله وصحبه أجمعين.

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.