تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » العمليات المعرفية في تفكير الطفل

العمليات المعرفية في تفكير الطفل

خليجية

تناول "بياجه" تكوين البيانات المعرفية النمائية من خلال محورين رئيسين هما:

1- المحور الأول : تكون البيانات المعرفية
المعارف عند "بياجه" عبارة عن أبنية أو تراكيب إدراكية وهي بنيات افتراضية تتكون داخل العقل أثناء تطور الإنسان من الطفولة إلى الرشد وأساسها وراثي. وهذه البنيات تمكن الفرد من التكيف مع البيئة التي يعيش فيها.
تنشأ المعرفة نتيجة لعمليتي الاستيعاب والتلاؤم، وبهما يتم تحول الأحداث والمواقف إلى تراكيب يضمها العقل على أنها بنيات معرفية. مثلما يحدث للطعام حين يقوم الجهاز الهضمي بعمليتي الهضم والامتصاص اللتين تؤديان إلى دمج الطعام في الجسم بعد تحويلة إلى بنيات عضوية.
وقد عد "بياجه" البنية الوحدة الأساسية في المعرفة والكلام والسلوك. ولكن كيف تتكون تلك البنيات؟ إن الطفل يولد ولديه اتجاهان فطريان هما التنظيم والتكيف.
وعن طريق التنيم يتمكن الفرد من تجميع الجزئيات البنيوية وإحداث الترابط فيما بينها مكونة صورة إجمالية لبنية معرفية.
أما التكيف فهو الاتجاه الذي يمكن الفرد من تعديل بنياته المعرفية خلال تفاعله مع البيئة بشكل ارتقائي. ومن ثم فإن وظيفة التكيف هي إحداث التناسق بين الفكر والأشياء بحيث تتكامل مع وظيفة التنظيم. والعلاقة بين التنظيم والتكيف بالمواءمة، وتعني المواءمة نشاط العقل المؤدي لتعديل البنيات وفق مقتضيات الموقف البيئي، والبنية التي يتم تعديلها من خلال المواءمة يتم استيعاب المواقف التي تتكأفأ معها.
ومن الجدير بالذكر أن قيام العقل والتفكير بعمليتي الاستيعاب والمواءمة يستهدف إحداث التوازن بين الفرد وبيئته الذي يمر بمراحل ارتقائية وبذلك يتغير إدراك البيئة بتغير نمو الفرد ويكون تأثير البيئة على الإنسان بمقدار وعيه بالبيئة.

2- المحور الثاني: المراحل النمائية المعرفية
إن النمائية المعرفية نتيجة لعمليات الاستيعاب والمواءمة والتنظيم التي يستهدف الفرد من خلالها إحداث التوازن بينه وبين نفسه من جهة وبينه وبين بيئته من جهة أخرى، الأمر الذي يؤدي إلى تغيير في شكل بنياته ونمط تفكيره المعرفي. وإن التفكير النمائي الحادث للفرد يمر باربع مراحل هي:

المرحلة الحسية الحركية.
مرحلة ما قبل العمليات.
مرحلة العمليات المادية.
مرحلة العمليات الشكية.

أولا: المرحلة الحسية الحركية
تبدأ منذ الميلاد وحتى نهاية السنة الثانية من عمر الطفل إذ يبدأ الطفل بحركات وأفعال غير هادفة، ثم يكتشف أن هذه الحركات تنشأ عنها آثار كأن يهز الطفل قدميه فيهتز سريره فيكرر حركاته، ويصبح عنده للحركة هدف التسلية، ثم يربط الطفل بين حركتين أو أكثر لتكوين بنية معرفية أولية، وقد يركل الطفل وسادته لفرض البحث عن لعبته فيربط بين البصر والحركة.

وفي هذه المرحلة يكون الطفل ذاتيا أي متمركزا حول ذاته. ومن الإنجازات المهمة التي يحققها أول عملية تفكيرية في هذه المرحلة هي اكتساب الطفل مفهوم بقاء الشيء ودوامه، ففي البداية يكتشف الطفل وجود الأشياء ولكن إذا اختفت عن ناظرية يعدها معدومة، فالشيء المرئي بالنسبة له فقط هو الموجود.
مثال ذلك: اختفت اللعبة عنه لا يبحث عنها لأنها بالنسبة إليه معدومة الوجود.
وفيما بعد تطور هذه البنية يتكون إدراك اختفاء الأشياء، وبالتالي إن افتقادها لا يعني انعدامها فيقوم بالبحث عن لعبته تحت غطائه.

وبملاحظة حركة الأشياء وانتقامها يتطور مفهوم دوام الأشياء في بنيته المعرفية حيث بيحث عن اللعبة في أماكن أخرى حتى يجدها وينتهي الأمر به في نهاية هذه المرحلة بالذات إلى تذكر الأشياء.
كما يدرك أن اختفاء الأشياء لا يعني انعدامها، ومن خلال نشاط الطفل وحركاته وإدراكه يدرك الطفل العلاقة بين السبب والنتيجة،

مثال على ذلك: حركة قدميه سبب اهتزاز السرير، وبالتالي تتكون لدى الطفل صورة إجمالية تنشأ من تتابع الحركات ونتائجها، فحين يهز قدميه يهتز سريره فتهتز اللعبة المعلقة، وبإدراكه هذا التتابع فإنه يهز قدميه كلما أراد تحريك هذه اللعبة المعلقة على السريز.
ومن الملاحظ هذه المرحلة تقع عمريا قبل السلم التعليمي وبالتالي يلقى بالتطبيق التربوي على عاتق الأسرة في إحاطة الطفل ببيئة ثرية من الأشياء الملموسة لكي يعبر هذه المرحلة التالية مع ضمان اكتمال اكتسابه للبنيات السالفة الذكر.
ثانيا: مرحلة ما قبل العمليات
تبدأ من سن السنتين من عمر الطفل وحتى سن سبع سنوات، وهي مرحلة ما قبل تكوين المفاهيم.

ويمتاز الطفل في هذه المرحلة بقدرته على التمثيل الرمزي للأشياء والذي يتضح من خلال اللعب الخيالي.
فعلى سبيل المثال يطلق على الدمي أسماء أشخاص، ويطلق على المكعبات أسماء سيارات، ولكنه لا يدرك بقية الخصائص في السيارة كاللون والحجم والأجزاء، والعصا عنده حصان، مما يؤكد عدم اكتمال مفهوم الشيء لديه. ويبدأ الطفل في هذه المرحلة في استعمال اللغة حيث يتميز الطفل في ثلاثة أنماط في استعمال اللغة في هذه المرحلة:

* الأولى: تكون في صورة ألفاظ معبرة عن خيال الطفل
* والثانية: تفكير لغوي ذاتي يعبر به الطفل عن حاجاته.
* والثالثة: عبارة عن ألفاظ تستهدف الاتصال بالآخرين المحيطين به.

ومن أهم خصائص هذه المرحلة:

1- التمركز حول الذات:
حيث يرى الطفل ويحكم على الأشياء من وجهة نظره الخاصة ولا يقتنع برأي الآخرين، كأن يعطي لمعظم الحيوانات التي يراها اسما واحدا فقط هو يعرفه، كأن يسمى كل أنواع الطيور "كوكو".

2- العيانية: ويكون الطفل بواسطتها قادرا على معرفة بعض خصائص الأشياء وتصنيفها فيستطيع مثلا تصنيف الأشياء إلى "أشياء تؤكل وأشياء لا تؤكل".

3- تركيز الانتباه على التفاصيل من خلال بعد واحد للأشياء، فلا يتمكن الطفل مثلا من إدراك تساوي كيلو غرام من الحديد مع كيلو غرام من القطن لأن تفكيره ينحصر في بعد واحد هو الشكل.

منقول للفائدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.