تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الطريق الموصل الي ولايةالله

الطريق الموصل الي ولايةالله

[frame="9 10"]

لابد لكل رجل من همة في فؤاده ، وباعث في قلبه يدعوه إلى السير الحثيث في عالم اللطف والمعاني إلى مولاه ، حتى يتحقق له مراده ، ويصل إلى بغيته ، فتتوالى عليه الأنوار ، وتتوارد عليه الأسرار ، كيف يتم ذلك؟
كل رجل من الأواخر لا بد وأن يكون أمام ناظري قلبه وأمام عين بصيرته رجل من الأكابر من الأوائل يقتدي به ويسير على منواله ، ويُجمل نفسه بحاله ويخلق نفسه بأخلاقه ، وينظر إلى المنهاج الذي وصل إلى الله به فيعض عليه بالنواجذ ، ويمشي عليه به .
ولن يصل واحد إلى الله بغير منهاج ، ومن يريد الفضل العظيم يجب أن يُظهر للمولى الكريم جميل نواياه وعظيم طواياه ، ويبذل ما في وسعه ليرضي حضرة الله والله يتم المراد بجميل عطاياه وكريم جدواه ، لكني أريد أن أنام وأبغى أن أُدَوَن في سجل العظماء ، أيجوز ذلك يا إخواني؟
رجل يزوغ في العمل ويزوغ من تحمل التبعات والمسئوليات أيليق به أن يرجوا مكافأة على إجادة العمل مع المجدين والمثابرين والمنتظمين في العمل؟ وحتى ولو كان هذا يجوز في عالم الدنيا فإنه لا يجوز عند أحكم الحاكمين لأنه قال {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} فصلت46
فيجب أن يكون كل رجل على قدم رجل ، ويجوز لبعضنا أن تضحك عليه نفسه وتأخذه العزة بالإثم ، ويقول لماذا أتشبه بأبي بكر أو عمر أو عثمان؟ ولماذا لا أتشبه بحضرة النبي مباشرة؟ نقول لمثل هذا :
عليك أن تتشبه أولاً بالرجال ، ثم بعد ذلك يوصلك الرجال إلى سيد الرجال وإمام أهل الكمال صلى الله عليه وسلم
هل يوجد من يدخل على رئيس الجمهورية مباشرة؟ لا بد أولاً من رئيس الديوان أو غيره ليهيؤه ويجهزوه إلى أن يدخلوه ، أم سيأتي من الشارع ويدخل عليه مباشرة ، لا يجوز ذلك {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} الفتح23
وهل يوجد فينا من يصلح أن يكون قلامة ظفر في أبي بكر الصديق ، أو شعرة في بدن عمر بن الخطاب، ومن منا يستطيع أن يصل لهؤلاء الفحول
فلا بد للرجل أن يرى رجلاً من هؤلاء الرجال ويمشي على منهاجه ، ويرى سيره إلى الله ، وسلوكه مع خلق الله ، وأعماله التعبدية ومجاهداته النفسية والقلبية ، ويمشي على هديها لأنها حكمة الله ، كل رجل على قدم رجل
وكان الإمام أبو العزائم رضي الله عنه وأرضاه يبين منازل الصالحين المنتقلين السابقين ، وعلى سبيل المثال وصف سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه وأرضاه بكلام يطول سرده وشرحه في نهايته قال : أن كل المنح والعطاءات التي أخذها هذا الرجل من {عليه أبو ذر الغفاري قد أملى}
فكل الفتوحات التي عنده أملاها عليه أبو ذر ، أي أنه كان على منهج أبي ذر ، وهذه حقيقة لأن سيدي إبراهيم الدسوقي لم يكن له نصيب في الدنيا كسيدنا أبي ذر ، لأنه كان على قدم المسيح عيسى بن مريم ، فإن كل صحابي على قدم نبي ، وكل ولي على قدم صحابي ، وسيدنا أبو ذر قال فيه صلى الله عليه وسلم {من أراد أن ينظر لعيسى بن مريم وفي رواية إلى شبيه عيسى بن مريم في أمتي فلينظر إلى أبي ذر}[1]
وكذلك سيدنا إبراهيم الدسوقي ، فإنه لم يتزوج ولم يبحث عن وظيفة ، ولكنه دخل الخلوة وهو ابن سبعة عشرة سنة ، ولم يخرج منها إلا عندما بلغ تسعة وعشرين سنة ، وخرج من الخلوة إلى الجلوة يدعوا خلق الله إلى الله ، وتفرغ حتى قُبض إلى حضرة الله بعد أن بلغ ثلاثا وأربعين عاماً
وقد يكون معظمنا تجاوز هذه السن ، ولكن ماذا قدمنا وماذا فعلنا؟ لا شيء ، لأننا نريد أن نعمل لأولادنا ، نبني لهم بيت أو نزوجهم أو خلافه ، إذاً دعونا مع أولادنا ، لكن لأنفسنا ماذا فعلنا؟ لا شيء ومنتظرين بعد ذلك كما يقول إخواننا أهل الفضل ، بالفضل يا سيدي من غير مجهود ، من الذي قال ذلك؟ إن بالفضل يا سيدي من غير مجهود يعني : أن أبذل كل مجهود ثم أقول له إن ما أعطيته لي بفضل منك وليس بمجهودي ولا أرى مجهودي الذي بذلته ولكني أرى فيه توفيق الله ومعونة الله
لكن البعض أخذ ذلك على أنه لا يبذل أي مجهود وتنهال عليه العطاءات من عند الله ، كيف يكون ذلك؟ إن الرزق المحسوس الدنيوي ، لا يأتي إلا بعد جهاد وسعي ومجاهدة ومكابدة ، هل هناك من يمشي ثم يضرب الأرض برجله فيخرج له كنز؟ لا ، بل لا بد من العمل والسعي ، كيف إذاً يطلب العطاءات والفتوحات من الله مع الكسل ومع الزلل ومع التواني والتقصير في العمل ؟وهل ذلك يصح ؟ لا
تلك سنة الله من بدء البدء إلى نهاية النهايات ، لأنها مشارب ، فهذا المشرب كان فيه نبي الله ، وتوارثه من الصحابة الكرام فلان ، ومن بعده من الصالحين فلان وفلان وفلان إلى يومنا هذا ، ولو جمعت رجال هذا المشرب في ديوان تجدهم كلهم ينطبق عليهم قول حضرة الرحمن {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} الأحزاب23
وكل هؤلاء الرجال على اختلاف أحوالهم وترتيبهم وتصنيفهم وتنوع مشاربهم اتفقوا على أمر واحد ، أنهم باعوا أنفسهم لله ، وجعلوا حياتهم وتوجهاتهم وأعمالهم وجهادهم كله لله ، لا لأنفسهم ولا لأولادهم ، كلهم ولا خلاف في هذا الأمر
ونتيجة لصدقهم لو نظرنا في سيرهم وطالعنا في حياتهم نجد أن الله تولى بذاته وليس بواسطة أسبابه وملائكته قضاء حاجاتهم ، فمن كانوا على منهج أو على قدم سيدنا عيسى فإنهم لم يروا سيدنا عيسى ولكنهم رأوا سيدنا أبو ذر كيف كان جهاده؟ وماذا كان يعمل؟ وكيف كان حاله مع الله؟ وما هي أوراده وأذكاره؟
لا بد أن يسيروا عليها ولا يوجد من يدخل بغير باب ، إذاً ما هو بابك؟ إنه الرجل الذي اخترته ، واخترت المشي على هديه وعلى نهجه ، لا بد وأن يكون لك إمام تمشي على منهجه ، ومن غير ذلك ، كما قال الإمام أبو العزائم في ذلك {من لا ورد له لا ورود له} فمن أين يأتي له الفتح؟ ومن أين يأتي له الورود؟

{1} المعجم الكبير للطبراني عن عبدالله بن مسعود

[/frame]
أعجبني ·

جزاك الله خيرررر،،،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.