|
يلبس بعض الناس لباسا أسود عند وفاة قريب لهم، فهل هذا من البدع أم أنه ثبت في السنة المطهرة ؟ .
الحمد لله
لم يثبت لبس الأسود عند وفاة أحد في السنة المطهرة ، ولذلك عَدَّه العلماء من البدع .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم متابعة النساء للجنازة ؟ ولبس الثوب الأسود ؟
فأجاب :
" اتباع النساء للجنائز حرام لقلة صبرهن، ولما في ذلك من التعرض للفتنة والاختلاط بالرجال.
وأما لبس السواد عند المصيبة فمن البدع" اهـ .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (17/329) .
وسئل أيضاً (17/410) : ما حكم تخصيص لباس معين للتعزية كلبس السواد للنساء ؟
فأجاب :
"تخصيص لباس معين للتعزية من البدع فيما نرى ، ولأنه قد ينبىء عن تسخط الإنسان على قدر الله عز وجل ، وإن كان بعض الناس يرى أنه لا بأس به ، لكن إذا كان السلف لم يفعلوه، وهو ينبىء عن شيء من التسخط فلا شك أن تركه أولى ؛ لأن الإنسان إذا لبسه فقد يكون إلى الإثم أقرب منه إلى السلامة" اهـ .
وقال أيضاً (17/414) :
"لبس السواد حداداً على الميت من البدع وإظهار الحزن ، وهو شبيه بشق الجيوب ولطم الخدود الذي تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من فاعله حيث قال : ( ليس منا من شق الجيوب، ولطم الخدود، ودعا بدعوى الجاهلية )" اهـ .
الإسلام سؤال وجواب
المعروف بالنسبة للنساء في العراق إذا شخص مات تلبس عليه ثوباً أسوداً لمدة سنة كاملة، وإذا لم تلبس يقولون عليها بأنها فرحة بموت ذلك الشخص، وكلام الناس لا ينتهي ولا يدعون الناس في حالهم، وأنا علمت أن هذا لا يجوز، فماذا تقولون لو تكرمتم في هذا عسى أن يستفيد الناس ويعملون؟
هذا الذي ذكرت هو مثلما ذكرت لا يجوز، كونها تحاد سنة كاملة في ثوب أسود هذا لا أصل له، هذا من عمل الجاهلية، كانت الجاهلية تحاد المرأة فيهم إذا مات زوجها سنة كاملة، فأبطل ذلك الإسلام, وأخبر النبي-صلى الله عليه وسلم-أن هذا من سنة الجاهلية وأوجب الله على المرأة بدلاً من ذلك أربعة أشهر وعشرا إذا كانت غير حامل، أما إن كانت حبلى فإنها تنتهي من العدة بوضع الحمل ولو بعد موت زوجها بساعات أو أيام، أما أن تعتد سنة, أو في لباس خاص أسود فقط هذا لا أصل له، بل هو من عمل الجاهلية، فلها أن تلبس الأسود, والأصفر, والأخضر, والأزرق لكن تكون الملابس غير جميلة، تكون عادية لا تلفت النظر؛ لأنه-صلى الله عليه وسلم-نهى المحادة أن تلبس شيئاً من الثياب الجميلة المصبوغة, قال: (إلا ثوب عصب) وقال أهل العلم أن ثوب العصب ليس فيه جمال، فالمشروع لها أن تلبس ثياباً ليس فيها جمال؛ لأنها تعرضها للفتنة، تكون ملابسها ملابس عادية لا تلفت النظر هذا هو المشروع في المحادة، كما أنه يجب عليها أن تتجنب الطيب مدة العدة، وكذلك الحلية من الذهب, والفضة ونحوها كاللؤلؤ, والماس وأشباه ذلك، مدة العدة، وهكذا تترك الكحل لعينيها والحناء كل هذا مما تمنع منه المحادة، والحاصل أن الحادة تؤمر بخمسة أمور: الأمر الأول: أنها تبقى في بيت زوجها الذي مات وهي ساكنة فيه حتى تنتهي من العدة، لقوله -صلى الله عليه وسلم- للمحادة: (امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله) هكذا قال- عليه الصلاة والسلام-: (امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله)، لكن لا بأس أن تخرج للحاجة, حاجة إلى السوق تشتريها من طعام وغيره، أو إلى الطبيب لحاجتها للطبيب لا بأس بهذا. أما خروجها لغير ذلك للزيارات ونحو ذلك فلا، بل تبقى في بيتها ولا تسافر أيضاً، لا لحج ولا لغيره حتى تنتهي من عدتها. الأمر الثاني: أنها لا تلبس الملابس الجميلة بل تلبس ملابس عادية ليس فيها جمال يلفت النظر، سواء كانت سوداء, أو صفراء, أو خضراء, أو رزقاء أو غير ذلك. الثالث: عدم الحلية من الذهب, والفضة, ونحوها كاللؤلؤ, والماس وما أشبه ذلك، لا تلبس هذا؛ لأن الرسول نهى عن ذلك،- عليه الصلاة والسلام-. الرابع: عدم الطيب؛ لأن الرسول قال: (لا تمس طيبا)، يعني المحادة، فلا تمس الطيب سواء كان من البخور أو غير ذلك من العود والورد وأشباه ذلك، إلا إذا كانت تحيض الشابة فإنها لها أن تتبخر عند طهرها من حيضها كما أمر بهذا النبي- صلى الله عليه وسلم- وأجاز فيه-صلى الله عليه وسلم-. الخامس: الكحل، ليس لها أن تكتحل ولا أن تضع الحناء؛ لأنه جمال، فتجتنب ذلك وما أشبهه هذه الأمور الخمسة هي التي يلزم المحادة أن تراعيها وتعتني بها، أما ما سوى ذلك فهي مثل بقية النساء، لها أن تغتسل متى شاءت وتتروش متى شاءت, وتغير ثيابها متى شاءت، تستعمل الدواء إذا كان عندها ضعف النظر في عينيها أو غير من الأدوية، تطبخ حاجتها في البيت تخدم بيتها تصعد إلى السطح في الليل لرؤية القمر، تخرج إلى الحوش وإلى الحديقة في بيتها، كل هذا لا بأس به، تكلم من شاءت ممن يكلمها من جيرانها أو من غير جيرانها عن طريق الهاتف في التلفون أو غيره كل هذا لا بأس به، إذا كان الكلام ليس فيه ريبة ولا منكر، فهي مثل بقية النساء.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
## مسالة الإجتماع للعزاء :
1- سُئل الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز ـ رحمه الله ـ :
( تقام مراسم العزاء ، يجتمع الناس عند بيت المتوفى خارج المنزل ، توضع بعض
المصابيح الكهربائية ( تشبه تلك التي توضع في الأفراح ) ويصطف أهل المتوفى ويمر
الذين يريدون تعزيتهم يمرون عليهم واحداً بعد الآخر ويضع كل منهم يده على صدر كل
فرد من أهل المتوفى ويقول له : ( عظم الله أجرك ) فهل هذا الاجتماع وهذا الفعل
مطابق للسنة ؟ وإذا لم يوافق السنة فما هي السنة في ذلك ؟
أفيدونا جزاكم الله خيراً .
فأجاب الشيخ ابن باز : هذا العمل ليس مطابقاً للسنة ولا نعلم له أصلاً في الشرع المطهر ، وإِنما السنة التعزية لأهل المصاب من غير كيفية معينة ولا اجتماع معين كهذا الاجتماع ، وإِنما يشرع لكل مسلم أن يعزي أخاه بعد خروج الروح في البيت أو في الطريق أو في المسجد أو في المقبرة سواء كانت التعزية قبل الصلاة أو بعدها ، وإِذا قابله شرع له مصافحته والدعاء له بالدعاء المناسب مثل ( أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وجبر مصيبك ) ، وإِذا كان الميت مسلماً دعا له بالمغفرة و الرحمة ، وهكذا النساء فيما بينهن يعزي بعضهن بعضاً ويعزي الرجل المرأة و المرأة الرجل لكن من دون خلوة ولا مصافحة إِذا كانت المرأة ليست محرماً له . وفق الله المسلمين جميعاً للفقه في دينه و الثبات عليه إِنه خير مسئول ) " مجموع فتاوى و مقالات متنوعة " ( 5 / 345 ) .
2- قال الشيخ العلامة محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ :
( ..ان اجتماع أهل الميت لاستقبال المعزين هو أيضاً من الأمور التي لم تكن معروفة
حتى إن بعض العلماء قال إنه بدعة ، ولهذا لا نرى أن أهل الميت يجتمعون لتلقي العزاء بل يغلقون أبوابهم وإذا قابلهم أحد في السوق أو جاء أحد من معارفهم دون أن يعدوا لهذا اللقاء عدته فإن هذا لا بأس به .
أما استقبال الناس فهذا لم يكن معروفاً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان الصحابة يعدون اجتماع أهل الميت وصنع الطعام من النياحة ، النياحة كما هو معروف من كبائر الذنوب…الخ ) . فتاوى إسلامية ( 2- 48 ) .
3- كما سٌئل فضيلته ما يلي :
مسألة العزاء والاجتماع عليه، بعض الناس لو كلمناهم في هذا يقول : ( نحن نفعل هذا ولا نقصد به التعبد إنما نقصد به العادة ) كيف الرد عليهم ؟
فأجاب فضيلته : ( الجواب على هذا أن التعزية سنة ، والتعزية من العبادة فإذا صيغت العبادة على هذا الوجه الذي لم يكن معروفاً في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم
صارت بدعة ؛ ولهذا جاء الثواب في فضل من عزى المصاب ، والثواب لا يكون إلا على العبادات
فإن الحداد قد عرفه محمد البابرتي الحنفي في كتابه "العناية على شرح الهداية" قائلاً: والحداد ويقال الإحداد لغة: أن تترك الطيب والزينة والكحل والدهن المطيَّب وغير المطيَّب إلا من عذر، وفي الجامع الصغير إلا من وجع. اهـ
والاحداد قد خصه الشرع بما يلي:
– المرأة التي توفي عنها زوجها فتحد مدة العدة أربعة أشهر وعشرا.
– المرأة التي توفي أحد أقاربها تحد ثلاثة أيام، بدليل ما ثبت في الصحيحين عن زينب بنت أبي سلمة قالت: دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أبوها أبو سفيان، فدعت بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره فدهنت منه جارية ثم مستْ بعارضيها وقالت: ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا.
وفي رد المحتار: ويباح الحداد على قرابة ثلاثة أيام فقط، وللزوج منعها لأن الزينة حقه.
أما لَبْس المرأة الثوب الأسود حزنًا على الميت فمنعه الحنفية إلا في حق الزوجة على زوجها ثلاثة أيام. قال ابن عابدين في حاشيته: سئل أبو الفضل عن المرأة يموت زوجها وأبوها أو غيرهما من الأقارب فتصبغ ثوبها أسود فتلبسه شهرين أو ثلاثة أو أربعة تأسفًا على الميت أتعذر في ذلك؟ فقال: لا. وسئل عنها علي بن أحمد فقال: لا تعذر هي آثمة؛ إلا الزوجة في حق زوجها فإنها تعذر ثلاثة أيام. اهـ
وعند المالكية يجوز للزوجة أثناء عدة الوفاة لبس الثوب الأسود إلا إذا كانت ناصعة البياض، أو كان الأسود زينة قومها.
علماً بأن ما انتشر في بعض البلاد من تخصيص لبس السواد للحداد والامتناع عن غيره ولو لم يكن زينة فلا أصل له.
وراجع الفتوى رقم: 23281
والله أعلم.