|
السؤال:
فضيلة الشيخ: بالنسبة للأضاحي بعض الجهات كهيئة الإغاثة وغيرها، تقول: لدينا مثل القسائم تدفع مبلغاً من المال ونحن نؤدي الأضحية في أي جهة من دول العالم الفقيرة، فهل تنصح بذلك، أم لا؟
الجواب:
(( أنا أنصح بعدم ذلك، وأقول: إن هذا من الخطأ أن الإنسان يوكل أحداً يضحي عنه؛ لأن هذا فيه عدة محاظير:
المحظور الأول: أن شعيرة النسك في هذا البلد لا تتم إذا أعطينا دراهم يضحى بها في مكان آخر.
وثانياً: أن المقصود بالأضحية التعبد لله بذبحها، وهذا -أيضاً- يفوت إذا ذبحت بمكان آخر، فهو لا يباشر الذبح ولا يحضره.
ثالثاً: أن فيها تركاً لما أمر الله به من الأكل منها، فقد قال الله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج:28]، وقال تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج:36] ، ومعلوم أنها إذا ذبحت في محل آخر فلا يستطيع الأكل منها.
الرابع: أننا لا ندري من الذي يتولى الذبح ، قد يتولى الذبح من لا يحسن الذبح ، أو من ليس من أهل الذبح، أو من يتهاون في الذبح بترك التسمية -مثلاً- أو ما أشبه ذلك.
الوجه الخامس: أننا لا ندري -أيضاً- هل تذبح في وقتها، أو قبل الوقت، أو يتهاونون في تأخير الذبح.
فيحصل في ذلك هذه المحاذير وربما يحصل غيرها أيضاً.
فالذي أنصح به إخواننا المسلمين ألا يفعلوا ذلك، أي: ألا يعطوا هيئة الإغاثة ولا غيرها شيئاً يشترون به ضحايا في محلات أخرى ويذبحونها.
فإن قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد بعث بالهدي من المدينة إلى مكة ؟
الجواب: بلى، لكن الهدي خاص بمكة لا يمكن ذبحه في المدينة وهو هدي يهدى إلى الكعبة، فليس مثل الذي يبعث بدراهمه إلى البوسنة والهرسك والجهات الأخرى ليُضحى بها عنه.
فأنصح إخواننا المسلمين ألا يفعلوا ذلك، وأنصح طلبة العلم -أيضاً- أن يبينوا للعامة ؛ لأن كثيراً من الناس يظنون أن الأضاحي ليس المقصود منها إلا اللحم، وهذا خطأ، قال الله تعالى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى} [الحج:37].
السائل: هل له أن يتصدق يا شيخ! بعد أن يكمل الأضحية يعني: بعد أن يؤدي الأضحية يتصدق بمائة ريال، بمائة وخمسين، بمائتي ريال؟
الشيخ: هذا ليس فيه شيء، يعني: إذا كان يريد أن ينفع الجهة هذه يعطيهم دراهم ويجعل الأضحية عنده في بلده))اهـ من(لقاء الباب المفتوح) شريط(88).
قال الشيخ العلامة محمد العثيمين- رحمه الله-: (…الأضاحي عبادة محددة معينة لأنه لو كان المقصود الانتفاع باللحم لكان الإنسان يشتري لحماً ويتصدق به يوم العيد،أهم شيء الذبح لله-عز وجل- كما قال –تعالى-: (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم) [الحج37]. ،ثم إنك إذا أخرجت دراهم ليضحى عنك في بلاد أخرى فقد خالفت أمر الله؛ لأن الله-تعالى- قال: (فكلوا منها وأطعموا البائس والفقير) [الحج28]. ،وهل يمكن أن تأكل منها وهي تضحى في الصومال؟.. لا ،إذن خالفت أمر الله ،وقد قال كثير من العلماء : "إن الأكل من الأضحية واجب يأثم الإنسان بتركه" ،وبهذا نعرف أن الدعوة إلى استجداء الدراهم ليضحى في خارج البلاد دعوة غير سليمة ،وأنه لا ينبغي للإنسان أن يساهم في ذلك بل يضحي في بيته وعند أهله ،وتظهر شعائر الإسلام في البلاد ،ومن أراد أن ينفع إخوانه في أماكن محتاجة فلينفعهم بالدراهم والثياب وغير ذلك، أما شعيرة من شعائر الإسلام يتقرب إلى الله بذبحها والأكل منها فإنه لا ينبغي أبداً أن يفرط الإنسان بها…)أ.هـ كلامه.[شريط/أحكام الحج/الوجه الأول].
وقال الشيخ العلامة صالح الفوزان – حفظه الله-: (وأما ما أحدثه بعض الناس من دفع ثمن الأضحية للجمعيات الخيرية لتذبح خارج البلد وبعيداً عن بيت المضحي ،فهذا خلاف السنة وهو تغيير للعبادة ، فالواجب ترك هذا التصرف وأن تذبح الأضاحي في البيوت وفي بلد المضحي كما دلت عليه السنة، وكما عليه عمل المسلمين من عهد الرسول –صلى الله عليه وسلم- حتى حصل هذا الإحداث ،فإني أخشى أن يكون بدعة ،وقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" ،وقال عليه الصلاة والسلام: "وإياكم ومحدثات الأمور ،فإن كل محدثة بدعة ،وكل بدعة ضلالة" ،ومن أراد أن يتصدق على المحتاجين فباب الصدقة مفتوح ،ولا تغير العبادة عن وجهها الشرعي باسم الصدقة)أ.هـ كلامه.[مجلة الدعوة/العدد1878].