تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » مواطن إجابة الدعاء

مواطن إجابة الدعاء

مَواطِن الإجابة

التّعريف :

1 – المواطن جمع الموطن ، والموطن : اسم المكان من وَطَنَ يقال : وَطَنَ فلانٌ بالمكان ، وأوطن : إذا قام به ، وأوطنه أيضاً : اتّخذه وطناً .

والوَطَن : المنزل تقيم به ، وهو موطنُ الإنسان ومحله . ويقال : أوطَنَ فلانٌ أرض كذا ، أي اتّخذها محلاً ومسكناً يقيم فيها .

والموطن أيضاً : الموقف والمشهد من مشاهد الحرب . قال اللّه تعالى : { لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ } ، وإذا اتّخذ الرّجل مكاناً معلوماً من المسجد مخصوصاً به يصلّي فيه ، قيل : أوطَنَ فيه ، وفي الحديث : « نهى النّبي صلى الله عليه وسلم صلّى اللّه عليه وسلّم عن نُقرة الغراب , وافتراش السّبع وأن يوطِنَ الرّجل المكان في المسجد كما يوطِنُ البعير » ، أي كالبعير لا يأوي من العطن إلّا إلى مبركٍ قد أوطنه واتّخذه مُناخاً . والإجابة المقصودة هنا : إجابة اللّه تبارك وتعالى دعاءَ الدّاعين .

ومواطن الإجابة على هذا : هي المظانُّ الّتي يغلب على الظّنّ أنَّ من دعا فيها استُجيب له .

حكم تحرّي الدعاء في مواطن الإجابة :

2 – تحرِّي الدعاء في مواطن الإجابة مستحب ، ويفهم الاستحباب من مختلف الصّيغ الواردة في الكتاب والسنَّة ، كالثّناء على فاعله في مثل قول اللّه تعالى : { وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } ، وكالتّخصيص في نحو قوله تعالى في الحديث القدسيّ : « من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له » ، وربّما صرّحت بعض الأحاديث بالأمر المفيد للاستحباب ، كما في حديث عمرو بن عبسة أنّه سمع النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول : « أقرب ما يكون الرّب من العبد في جوف اللّيل الآخر ، فإن استطعت أن تكون ممّن يذكر اللّه في تلك السّاعة فكن » .

قال الغزالي : من آداب الدعاء أن يترصَّد لدعائه الأوقات الشّريفة ، كيوم عرفة من السّنة ، ويوم الجمعة من كلّ أسبوع ، ووقت السّحر من ساعات اللّيل .

وقال النّووي : قال أصحابنا – يعني الشّافعيّة – يستحب أن يكثر في ليلة القدر من الدّعوات المستحبَّة ، وفي المواطن الشّريفة .

وقال البهوتي : يتحرَّى الدّاعي أوقات الإجابة كالثلث الأخير من اللّيل ، وعند الأذان والإقامة.

3 – وليس معنى كون الزّمان المعيَّن أو المكان المعيَّن موطناً للإجابة أنّ حصول المطلوب بالدعاء متعيِّن بكلّ حال ، بل المراد أنّه أرجى من غيره .

قال ابن حجر في شرح حديث : « ينزل ربنا . . . » : لا يعترض على ذلك بتخلُّفه عن بعض الدّاعين ؛ لأنّ سبب التّخلُّف وقوع الخلل في شرطٍ من شروط الدعاء ، كالاحتراز في المطعم والمشرب والملبس ، أو لاستعجال الدّاعي ، أو بأن يكون الدعاء بإثم أو قطيعة رحم ، أو تحصل الإجابة به ويتأخّر وجود المطلوب لمصلحة العبد ، أو لأمر يريده اللّه تعالى ، ويدل على ذلك حديث أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم ، إلّا أعطاه اللّه بها إحدى ثلاث : إمّا أن تعجّل له دعوته ، وإمّا أن يدّخرها له في الآخرة ، وإمّا أن يصرف عنه من السوء مثلها ، قالوا : إذاً نكثر ؟ قال : اللّه أكثر » .

واللّه تعالى وعد الدّاعي بأن يستجيب له ، وعداً مطلقاً غير مقيَّد بزمان أو مكان أو حال ، قال تعالى : { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } ، وقال { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } .

فإجابته للدعاء في كلّ وقتٍ توجّه إليه فيه العبد بالدعاء ، ولذا كان تخصيص موطن معيَّن بالإجابة دالاً على تأكدها فيه ، وليس المراد الحصر ونفي الإجابة عمّا عداه .

أنواع مواطن الإجابة :

4 – مواطن الإجابة ثلاثة أنواع :

أ – أوقات شريفة اختصَّها اللّه تعالى بأن جعلها مواسم لهذه الأمّة تحصّل بها رضوان اللّه تعالى بذكره ودعائه ، كما قال تعالى في مناسك الحجّ : { لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ } .

ب – أماكن شريفة خصَّها اللّه تعالى بذلك ، وهي مواطن محدودة يكون فيها الدّاعي متلبّساً بعبادة أخرى .

ج – أحوال معيّنة يرجى فيها قبول الدعاء .

منها الدعاء عند زحف الصفوف في سبيل اللّه تعالى ، وعند نزول الغيث ، وعند إقامة الصّلوات المكتوبة .

والدعاء بعرفة مثال لما اجتمع فيه شرف الزّمان وشرف المكان وشرف الحال .

قال الغزالي : وبالحقيقة يرجع شرف الأوقات إلى شرف الأحوال ، إذ وقت السّحر وقت صفاء القلب وإخلاصه ، وفراغه من المشوّشات ، ويوم عرفة ويوم الجمعة وقت اجتماع الهمم وتعاون القلوب على استدرار رحمة اللّه عزّ وجلّ . قال : فهذا أحد أسباب شرف الأوقات ، سوى ما فيها من أسرار لا يطّلع البشر عليها .

وفي كل من هذه المواطن تفصيل بيانه فيما يلي :

أوّلاً – المواطن الزّمانيّة :

أ – ثلث اللّيل الآخر :

5 – ثلث اللّيل الآخر من مواطن الإجابة ، ودليل ذلك ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « ينزل ربنا تبارك وتعالى كلّ ليلة إلى السّماء الدنيا حين يبقى ثلث اللّيل الآخر ، يقول : من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له » . وفي رواية : « حتّى ينفجر الفجر » .

ونقل ابن حجر عن الزهريّ أنّه قال : ولذلك كانوا يفضّلون صلاة آخر اللّيل على أوّله . وذهب بعض العلماء إلى أنّ هذا الوقت يبدأ من منتصف اللّيل إلى أن يبقى من اللّيل سدسه ، ثمّ يبدأ وقت السّحر ، وهو موطن آخر ، لما روى عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال : « قلت : يا رسول اللّه أي اللّيل أسمع ؟ قال : جوف اللّيل الآخر » .

على أنّه قد ورد من حديث جابر رضي الله عنه قال : سمعنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول : « إنّ في اللّيلة لساعةً لا يوافقها رجل مسلم يسأل اللّه خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلّا أعطاه إيّاه ، وذلك كلّ ليلة » ، وهو يعني أنّ اللّيل كلّه مظنَّة إجابة .

ب – وقت السَّحر :

6 – السّحر هو آخر اللّيل قبل أن يطلع الفجر .

وقيل : هو من ثلث اللّيل الآخر إلى طلوع الفجر .

ويرى الغزالي أنّه السدس الأخير من اللّيل .

قال القرطبي : هو وقت ترجى فيه إجابة الدعاء ، ونقل عن الحسن في قوله تعالى : { كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ، وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } ، قال : مدوا الصّلاة من أوّل اللّيل إلى السّحر ، ثمّ استغفروا في السّحر .

ج – بعد الزّوال :

7 – قال النّووي : يستحب الإكثار من الأذكار وغيرها من العبادات عقب الزّوال لما رُوِّينا عن عبد اللّه بن السّائب رضي الله عنه « أنَّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يصلّي أربعاً بعد أن تزول الشّمس قبل الظهر ، وقال : إنّها ساعة تفتح فيها أبواب السّماء ، وأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح » .

د – يوم الجمعة وليلتها وساعة الجمعة :

8 – ورد الحديث بأنّ « يوم الجمعة خير يوم طلعت عليه الشّمس » ، وورد حديثٌ في قبول الدعاء يوم الجمعة من غير نظر إلى ساعة الجمعة .

أمّا ساعة الجمعة ، فقال الشّوكاني : تواترت النصوص بأنّ في يوم الجمعة ساعةً لا يسأل العبد فيها ربّه شيئاً إلّا أعطاه إيّاه .

وقد روي عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم صلى الله عليه وسلم من طرقٍ عن عدد من الصّحابة رضي الله عنهم ذكر ساعة الإجابة يوم الجمعة ، منها ما روى أبو هريرة رضي الله عنه : رضي اللّه عنه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ذكر يوم الجمعة فقال : « فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلّي يسأل اللّه تعالى شيئاً إلّا أعطاه إيّاه . وأشار بيده يقلِّلها » .

وعن أبي لبابة البدريّ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم صلى الله عليه وسلم قال : « إنّ يوم الجمعة سيِّد الأيّام وأعظمها عند اللّه . . . فيه خمس خلال فذكر منهنّ : وفيه ساعة لا يسأل اللّه فيها العبد شيئاً إلّا أعطاه ما لم يسأل حراماً » .

واختلف الفقهاء والمحدّثون في تعيين السّاعة المذكورة على أكثر من أربعين قولاً ، عدّدها الشّوكاني ، ونقل عن المحبّ الطّبريّ أنّه قال : أصح الأحاديث في تعيينها حديث أبي موسى رضي الله عنه أنّه سمع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم صلى الله عليه وسلم يقول في ساعة الجمعة : « هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصّلاة » ، واختار ذلك النّووي أيضاً.

وأمّا ليلة الجمعة ، فقد روي من حديث ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم صلى الله عليه وسلم قال لعليّ رضي الله عنه : « إنّ في ليلة الجمعة ساعةً الدعاء فيها مستجاب » . نقله الشّوكاني في تحفة الذّاكرين .

هـ – أيّام رمضان ولياليه وليلة القدر :

9 – فضل رمضان معروف . واستدلَّ بعضهم لإجابة الدعاء فيه بحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم صلى الله عليه وسلم : « ثلاثة لا ترد دعوتهم الصّائم حتّى يفطر . . . » .

وأمّا ليلة القدر ، فقد ورد فيها عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت : « يا رسول اللّه أرأيتَ إن علمتُ أي ليلةٍ ليلةُ القدر ما أقول فيها ؟ قال : قولي : اللَّهُمَّ إنّك عفو كريم تحب العفو فاعفُ عنّي » .

وإنّما كانت موطناً ؛ لإجابة الدعاء لأنّها ليلة مباركة تتنزّل فيها الملائكة ، جعلها اللّه تعالى لهذه الأمّة خيراً من ألف شهر ، وقال تعالى في شأنها : { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } ، قال الشّوكاني : وشرفها مستلزم لقبول دعاء الدّاعين فيها ، ولهذا أمرهم النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم صلى الله عليه وسلم بالتماسها ، وحرّض الصّحابة على ذلك .

وقد روي ما يدل على أنّ الدعاء فيها مجاب .

ونقل النّووي عن الشّافعيّ : أستحبُّ أن يكون اجتهاده في يومها كاجتهاده في ليلتها .

ثانياً – المواطن المكانيّة :

أ – الملتزم :

10 – الملتزم هو ما بين الركن الّذي فيه الحجر الأسود وباب الكعبة ، جاء عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما أنّه كان يلزم ما بين الركن والباب ، وكان يقول : ما بين الركن والباب ، يُدعى الملتزم ، لا يلزم ما بينهما أحدٌ يسأل اللّه شيئاً إلّا أعطاه إيّاه .

ونقل ابن جماعة عن ابن حبيب من المالكيّة أنّ الملتزم الموضع الّذي يُعتَنق ويُلِحُّ الدّاعي فيه بالدعاء ، قال : وقد سمعت مالكاً يستحب ذلك .

ب – عرفة :

11 – نبّه النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم صلى الله عليه وسلم إلى اغتنام الدعاء في هذا الموطن بقوله : « خير الدعاء دعاء يوم عرفة ، وخير ما قلت أنا والنّبيُّون من قبلي : لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كلّ شيء قدير » ، قال الشّوكاني : ثبت ما يدل على فضيلة هذا اليوم وشرفه حتّى كان « صومه يكفّر سنتين » ، وورد في فضله ما هو معروف ، وذلك يستلزم إجابة الدّاعين فيه .

ج – مشاعر الحجّ :

12 – الحج من أعظم الأعمال المقرّبة إلى اللّه تعالى ، نقل النّووي عن الحسن البصريّ أنّه قال : الدعاء هنالك يستجاب في خمسة عشر موضعاً : في الطّواف ، وعند الملتزم ، وتحت الميزاب ، وفي البيت ، وعند زمزم ، وعلى الصّفا والمروة ، وفي المسعى ، وخلف الإمام ، وفي عرفاتٍ ، وفي المزدلفة ، وفي منىً ، وعند الجمرات الثّلاث .

ثالثاً – الأحوال الّتي هي مظنّة الإجابة :

أ – الدعاء بين الأذان والإقامة وبعدها :

13 – الأذان من أعظم الشّعائر ، يُذكرُ فيه اللّه تعالى بالتّوحيد ، ويُشهد لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالرّسالة ، ويُنشر ذلك على رءوس النّاس بالصّوت الرّفيع إلى المدى البعيد ، ويُدعى عباد اللّه لإقامة ذكر اللّه ، وقد ورد من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال : « ثنتان لا تردّان أو قلّما تردّان : الدعاء عند النّداء ، وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضاً » .

وورد من حديث أنسٍ رضي الله عنه أنّه عليه الصلاة والسلام قال : « الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة » .

وروي عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص : « أنّ رجلاً قال : يا رسول اللّه إنّ المؤذّنين يفضلوننا ، قال : قل كما يقولون ، فإذا انتهيت فسلْ تُعْطَه » .

وورد أيضاً استجابة الدعاء بعد الإقامة ، وهو حديث سهل بن سعد رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « ساعتان تفتح فيهما أبواب السّماء : عند حضور الصّلاة ، وعند الصّفّ في سبيل اللّه » .

ب – الدعاء حال السجود :

14 – وإنّما كان السجود مظنّة الإجابة ؛ لأنّ فيه يتمثّل كمال العبوديّة والتّذلُّل والخضوع للّه تعالى ، يضع العبد أكرم ما فيه ، وهو جبهته ووجهه على الأرض وهي موطئُ الأقدام ، تعظيماً لربّه تبارك وتعالى ، ومع كمال التّذلل والتّعظيم يزداد القرب والمكانة من ربّ العزّة ، فيكون ذاك مظنَّة عود اللّه تعالى على عبده بالرّحمة والمغفرة والقبول ، ولهذا قال النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم : « إنّي نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً ، فأمّا الركوع فعظّموا فيه الرّبّ عزّ وجلّ ، وأمّا السجود فاجتهدوا في الدعاء ، فقَمِنٌ أن يستجاب لكم » ، وروى أبو هريرة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال : « أقرب ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد فأكثروا الدعاء » .

ولا فرق في ذلك بين سجود الفرض وسجود النّفل ، إلّا ما قاله القاضي من الحنابلة من أنّه لا يستحب الزّيادة على " سبحان ربّي الأعلى " في الفرض ، وفي التّطوع روايتان .

ونصّ المالكيّة والشّافعيّة على أنّه يندب الدعاء في السجود .

وزاد الشّافعيّة : بدينيّ أو دنيوي إن كان منفرداً أو إماماً لمحصورين ، أو لم يحصل بالدعاء طول ، وإلّا فلا .

ج – الدعاء بعد الصّلاة المفروضة :

15 – ذهب جمهور الفقهاء إلى أنَّ ما بعد الصّلاة المفروضة موطن من مواطن إجابة الدعاء ؛ لما روي من حديث مسلم بن الحارث رضي الله عنه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه أسر إليه فقال : « إذا انصرفت من صلاة المغرب ، فقل : اللَّهُمَّ أجرني من النّار ، سبع مرَّاتٍ ، فإنّك إذا قلت ذلك ثمّ متَّ من ليلتك كتب لك جوار منها ، وإذا صلّيت الصبح فقل كذلك ، فإنّك إن متّ في يومك كتب لك جوار منها » .

وورد ما يدل على أنّ الدعاء في دبر الصّلوات المكتوبة على العموم ، فيها أسمع من غيرها، وهو ما روي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه أنّه قال : « قيل : يا رسول اللّه ، أيُّ الدعاء أسمعُ ؟ قال : جوف اللّيل الآخر ، ودبر الصّلوات المكتوبات » .

وقد نقل الغزالي عن مجاهد قال : إنَّ الصّلوات جعلت في خير الأوقات ، فعليكم بالدعاء خلف الصّلوات .

وروي عن العرباض بن سارية رضي الله عنه مرفوعاً : « من صلّى صلاة فريضة فله دعوة مستجابة ، ومن ختم القرآن فله دعوة مستجابة » .

د – حال الصّوم وحال الإفطار من الصّوم :

16 – أمر اللّه بصوم رمضان ، وذكر إكمال العدّة ثمّ قال : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } . وفي ذلك إشارة إلى المعنى المذكور . قال ابن كثير : في ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء متخلّلةً بين أحكام الصّيام إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدّة ، بل وعند كلّ فطر؛ لما روى عبد اللّه بن عمرو رضي الله عنهما قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول : « للصّائم عند إفطاره دعوة مستجابة ، فكان عبد اللّه بن عمرو رضي الله عنهما إذا أفطر دعا أهله وولده ثمّ دعا » ولما روي أيضاً : « إنّ للصّائم عند فطره دعوةً ما تُرَدّ » .

هـ – الدعاء بعد قراءة القرآن وبعد ختمه :

17 – دلّ على استجابة الدعاء بعد قراءة القرآن وبعد ختمه ما روي من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه أنّه قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول : « من قرأ القرآن فليسأل اللّه به ، فإنّه سيجيء أقوام يقرءون القرآن يسألون به النّاس » , وحديث العرباض بن سارية : « من ختم القرآن فله دعوة مستجابة » .

و – دعوة المسافر :

18 – السّفر من مواطن الإجابة لحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : « ثلاث دعواتٍ مستجابات : دعوة المظلوم ، ودعوة المسافر ، ودعوة الوالد على ولده » . قال ابن علَّان : المراد المسافر إن لم يكن عاصياً بسفره كما هو ظاهر ، والولد إن كان ظالماً لأبيه عاقاً له .

ز – الدعاء عند القتال في سبيل اللّه :

19 – القتال في سبيل اللّه موضع إجابة ؛ لأنّ المجاهد في سبيل اللّه باذلٌ نفسه وماله في مرضاة ربّه ، وباذل جهده كلّه لرفع كلمة اللّه تعالى .

وقد روي من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أنَّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال : « ساعتان تفتح فيهما أبواب السّماء : عند حضور الصّلاة ، وعند الصّفّ في سبيل اللّه » ، وفي رواية قال : « وعند البأس حين يُلحِم بعضهم بعضاً » .

وروي أنّ النّبيّ قال : « أطلبوا الدعاء عند التقاء الجيوش ، وإقامة الصّلاة ونزول الغيث ».

ج – حال اجتماع المسلمين في مجالس الذّكر :

20 – اجتماع المسلمين في مجالس الذّكر من مواطن الإجابة لحديث : « لا يقعد قوم يذكرون اللّه عزَّ وجلّ إلّا حفّتهم الملائكة وغشيتهم الرّحمة ، ونزلت عليهم السّكينة ، وذكرهم اللّه فيمن عنده » . ولحديث : « إنّ اللّه تعالى يقول لملائكته : قد غفرت لهم ، فيقولون : ربّ فيهم فلان ، عبد خطّاء ، إنّما مرّ فجلس معهم ، قال : فيقول : وله غفرت ، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم » ، ولحديث أمّ عطيّة في خروج النّساء يوم العيد وفيه : « يشهدن الخير ودعوة المسلمين » . قال الشّوكاني : فهذا دليل على أنّ مجامع المسلمين – أي للذّكر – من مواطن الدعاء .

ط – دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب :

21 – ورد في استجابة دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب حديث أبي الدّرداء مرفوعاً : « دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة ، عند رأسه ملكٌ موكّل ، كلَّما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكّل به : آمين ، ولك بمثل » .

ي – دعوة الوالد لولده وعليه :

22 – ورد في حديث أبي هريرة : « ثلاث دعواتٍ مستجابات : دعوة المظلوم ، ودعوة المسافر ، ودعوة الوالد على ولده » .

قال ابن علّان في دعوة الوالد على ولده : أي إن كان الولد ظالماً لأبيه عاقاً له .

ك – دعوة المظلوم ودعوة المضطرّ والمكروب :

23 – دعوة المظلوم ورد فيها حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم صلى الله عليه وسلم قال : « دعوة المظلوم مستجابة ، وإن كان فاجراً ففجوره على نفسه » .

وفي حديث ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أرسل معاذاً رضي الله عنه إلى اليمن ، فذكر ما أوصاه به ، وفيه : « واتّق دعوة المظلوم ، فإنّه ليس بينها وبين اللّه حجاب » ، وفي حديث أبي هريرة : « دعوة المظلوم يرفعها اللّه فوق الغمام ويفتح لها أبواب السّماء ، ويقول الرّب : وعزَّتي لأنصرنَّك ولو بعد حين » .

وأمّا المضطر ، فقد قال اللّه تعالى : { أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ } .

وأمّا المكروب الّذي لا يجد له فرجاً إلّا من عند اللّه ، فيدل لكونه مجاب الدّعوة قوله تعالى : { وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ } .

وفي قوله { وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ } بيان أنّ هذه الاستجابة عامّة لكلّ من كان في مثل حال يونس عليه السلام من الإخلاص وإفراد اللّه تعالى بالرّجاء والتّوجُه الصّادق .

ل – الدعاء عند نزول الغيث :

24 – قال النّووي : روى الشّافعي في " الأمّ " بإسناده حديثاً مرسلاً عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « أطلبوا إجابة الدعاء عند التقاء الجيوش ، وإقامة الصّلاة ، ونزول الغيث» .

قال الشّافعي : وقد حفظت عن غير واحد طلب الإجابة عند نزول الغيث وإقامة الصّلاة .

وممّا يؤكّد صحّة ذلك ما في بعض روايات حديث سهل بن سعد رضي الله عنه من قوله صلى الله عليه وسلم : « وتحت المطر » .

م – دعوة المريض :

25 – المرض من مواطن الإجابة لحديث عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « إذا دخلت على مريض فمره فليدع لك ، فإنّ دعاءه كدعاء الملائكة » .

قال ابن علّان : وذلك لأنّه مضطر ودعاؤه أسرع إجابةً من غيره ، ونقل عن المرقاة أنّه شبه الملائكة في التّنقّي من الذنوب ، أو في دوام الذّكر والتّضرُّع واللّجأ .

ن – حال أولياء اللّه :

26 – ورد أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « يقول اللّه تعالى : من عادى لي وليّاً فقد آذنته بالحرب ، وما تقرّب إليَّ عبدي بشيء أحبّ إليّ ممّا افترضته عليه ، وما يزال عبدي يتقرّب إليَّ بالنّوافل حتّى أحبّه ، فإذا أحببته كنت سمعه الّذي يسمع به ، وبصره الّذي يبصر به ، ويده الّتي يبطش بها ، ورجله الّتي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذ بي لأعيذنه .. » .

قال ابن القيّم : ولمّا حصلت هذه الموافقة للعبد مع ربّه تعالى في محابّه حصلت موافقة الرّبّ لعبده في حوائجه ومطالبه ، أي : كما وافقني في مرادي بامتثال أوامري والتّقرُّب إليّ بمحابّي ، فأنا أوافقه في رغبته ورهبته فيما يسألني أن أفعل به ، ويستعيذني أن يناله مكروه .

س – حال المجتهد في الدعاء إذا وافق اسم اللّه الأعظم :

27 – يشهد لذلك حديث بريدة الأسلميّ « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يدعو وهو يقول : اللَّهُمَّ إنّي أسألك بأنّي أشهد أنّك أنت اللّه لا إله إلّا أنت ، الأحد الصّمد الّذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد . . . فقال : لقد سأل اللّه باسمه الأعظم الّذي إذا سُئل به أعطى وإذا دُعي به أجاب » . وفي لفظٍ : « والّذي نفسي بيده لقد سأل اللّه باسمه الأعظم » .

ويشهد لذلك أيضاً حديث أنس بن مالك رضي الله عنه « أنّه كان مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ورجل يصلّي ، ثمّ دعا فقال : اللَّهُمَّ إنّي أسألك بأنّ لك الحمد لا إله إلّا أنت المنَّان بديع السّماوات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا حي يا قيُّوم ، فقال النّبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : تدرون بما دعا ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم . قال : والّذي نفسي بيده، لقد دعا اللّه باسمه العظيم الّذي إذا دُعي به أجاب وإذا سُئل به أعطى » .

جزاااج الله الف الف خير على هالمعلومات الحلوة … تسلمين و بميزان حسناتج …
مشكوووورة حبيبتي بصراحة صج موضوع يهبل
الله يجزيج ألف خير على موضوعج الكامل والمتكامل فعلا موضوعج يحمل صفة الشمول بكل معانيه

بارك الله فيج وجعل موضوعج القيم والمفيد في ميزان اعمالج الصالحه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.