|
إن تفريط الزوجة في احترام أهل زوجها تفريط في احترام الزوج نفسه، وإذا لم يقابل ذلك- بادي الرأي- بشيء فلن يسلم حبه للزوجة من الخدش والتكدير،
ثم إن الرجل الذي يحب أهله، ويبر والديه، إنسان فاضل كريم صالح جدير بأن تحترمه زوجته، وتجله، وتؤمل فيه الخير؛ لأن الرجل الذي لا خير فيه لوالديه لا يكون فيه – غالباً – خير لزوجة، أو ولد، أو أحد من الناس.
وإذا كنت – أيتها الزوجة – راضية عن عقوق الزوج لوالديه، وعن معاملتك السيئة لهما، فهل ترضين أن تعامل أمك بمثل هذه المعاملة من قبل زوجات إخوانك؟ بل هل ترضين أن تعاملي أنت بذلك من زوجات أولادك إذا وهن منك العظم، واشتعل الرأس شيبا؟
وأخيراً فإن موقف الزوجة الصالحة في إعانة زوجها على البر كفيل في كثير من الأحيان، بعد توفيق الله، بحل المشكلات، وتسوية الأزمات، وجمع الشمل، ورأب الصدع؛ لأن الوالدين عندما يشهدان الحب الصادق، والحنان الفياض من زوجة ابنهما، فإنهما سيحفظان ذلك الجميل.
هذا وقد أرانا العيان أن كثيراً من الوالدين يحبون زوجات بنيهم كحبهم لبناتهم، أو أشد حبا.
وما ذلك إلا بتوفيق الله، ثم بحكمة أولئك الزوجات، وحرصهن على حسن المعاملة لوالدي الأزواج.
ومما يعين الزوجة على التسلل إلى قلبي والدي الزوج – زيادة على ما مضى – أن تصبر على الجفاء، وأن تستحضر الأجر، وأن تنظر في العواقب. ومن ذلك أن تبادرهما بالهدية، وأن تحرص على حسن المحادثة والاستماع لحديثهما، وأن تتلطف بالكلام، وإلقاء السلام، وحسن التعاهد.
ومن ذلك أن توصي زوجها بمراعاة والديه، وبألا يشعرها بأن قلبه قد مال عنهما كل الميل إليها.
ومن ذلك أن تدعو الله؛ كي يعطف قلبي الوالدين إليها، وأن يعينها على حسن التعامل معهما.
ثالثاً دور أم الزوج:
فمن الأمهات- هداها الله- من توقع ابنها في الحرج دون أن تشعر؛ فهي تحبه، وتحرص على إسعاده، وربما سعت جاهدة في الخطبة له، وتزويجه.
ولكن سوء تصرفها قد يجلب لها ولابنها الضرر؛ لأن الابن إذا تزوج شعرت أمه بأنه قد خطف منها، وأن قلبه قد مال عنها؛ فتحرص أن يعود لها – ومن الحب ما قتل- فلا تزال به توغر صدره على زوجته، وتحرك فيه نوازع العزوف عنها، وربما زينت له طلاقها، ووعدته بأن تبحث له عن خير منها، مع أن الزوجة قد تكون على درجة من الخلق، والجمال، ونحو ذلك.
ومن الأمهات من إذا رأت ابنها مسروراً مع زوجته، أو رأت منه إكراماً لها، ثارت نيران الغيرة في قلبها، وربما سعت إلى ما لا تحمد عقباه.
ومن الأمهات من هي قاسية في التعامل مع زوجة ابنها؛ فتراها تضخم المعايب، وتخفي المحاسن، وقد تفتري على الزوجة، وقد تذهب كل مذهب في تفسير التصرفات البريئة، وتأويل الكلمات العابرة.
فيا أيتها الأم الكريمة، يا من تحبين ابنك، وترومين له السعادة، لا تكوني معول هدم وتخريب، ولا تجعلي غيرتك نارا موقدة تحرق جو الأسرة، ولا تستسلمي للأوهام التي ينسجها خيالك؛ فتعكري الصفو، وتثيري البلابل؛ فلا تجعلي علاقتك بزوجة ابنك علاقة الند بالند، والضرة بالضرة، بل كوني لها أما تكن لك ابنة؛ فيحسن بك أن تحبيها، وأن تتغاضي عن بعض ما يصدر منها، وإذا رأيت خللا بادرت إلى نصحها بلين ورفق، حينئذ تسعدين، وتسعدين.
بل يحسن بك أن تتوددي إليها بالهدية ونحوها، وأن تسعيها بقلبك الكبير وحنانك الفياض، ودعائك الخالص، وثنائك الصادق، والله يتولاك برعايته، ويمدك بلطفه.