تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » فتنة الناس بالمنامات وهل تقع الرؤيا عند اول تعبير لها

فتنة الناس بالمنامات وهل تقع الرؤيا عند اول تعبير لها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ

السؤال أود الاستفسار عن موضوع"تفسير الأحلام"

عندي شخص مقــرب لي يفســـر الأحـــلام والنــاس

يتصلون عليـه دائماً ، استفساري : ما حكم ذلك من

الناحية الشرعيَّة ؟ وما حكـم تفسيــر الأحلام أيضــاً

في بعض الصحف والمجلات ونشرها ؟ هل تفسير

الأحلام يجعل الرؤية تتحقق كما في حديث الرسول

صلى الله عليه وسلم ؟

الجواب : الحمد لله

أولاً : شُغـل النـاس في هذا الزمان برؤاهم وأحلامهم

واقتطعوا مـن أوقاتهم الشيء الكثير بحثاً عن تعبير،

وتلمساً لتأويل ، وفي المقابل أشغل المعبرون الناسَ

بالتعبير ، وتنـوعت وسائــل إيصال ذلك التعبير بين

الصحـف ، والجوالات والفضائيات فأشغل بعضــهـم

بعـضاً وصــار كــل واحدٍ يبحث عن الآخر ، ووقعت

الفتنة فالباحثون عن التعبير أقلقهم ما يرونه فــــي

منامهم ، وسبحوا فــي فضاء التأملات والأمانـي ،

وتلقاهم المعبرون ، وأشهرهم صنفان :

1- معبرون تجار سحبوا ما في جيوب الحالمين من

أموال ، مقابل التعبير .2 – باحثون عن الشهرة .

ومـن تأمــل حــال الطرفين علم مدى السوء الـــذي

وصلت له الأمور ، مــن تضييــع للأوقات وتعلـــق

بأوهام وخيالات ، واتكاء عــلى المنامات مع ترك

الواجبات في اليقظة .

قال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله " لا ينبغي

للإنسان أن يُشغل نفســـه بالرؤى ، لكـن إذا حصلت

لـــه رؤيا ، وأمكنه تعبيرها : فإنه يعبرها ، وإن لـم

يعبرها ووثق فـي أحد ، وسأله : عبرها لـــه ، وإن

كــان فيــهــا شيء لا يعجبه : فيأخذ بالآداب التـــي

أرشـد إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمـا

أن يشغـل نفسه بالرؤى وتعبيرهــا : فــــإنــــه قـــد

يشتغل بذلك عــن غيره مما هو أهم منه ، والعلماء

مـا كانـــوا يحرصون عــــلى الاشتغال بالرؤى ….

فهذا يحتاج إلـى وقــت ، ليبحث ويقـرأ عـن فلان ،

وعن فلان ، ولهذا نجـد الآن بعض المعبرين الذين

تصـدوا للتعبير سوقهم رائجة ، والناس يشغلونــه

أكثــر مما يشغلون العلماء في مسائل الدين ، وفي

مسائل الفقه ، والأمور التـي يحتاجون إليهـــا في

أمور دينهم " انتهى " شرح سنن أبي داود "

شريط رقم ( 359 ) .

وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم ( 115945 ) .

ثانياً : قد افتتن كثير من المعبرين فـي زماننا هــذا ،

فراحوا يبحثون عـــن الوسائــل المعـــاصــرة لتبليغ

تعبيراتهم للنـاس ، فأشغلوهم ، وأكلوا أموالهم ، أو

تسلقوا عـــلى مناماتهم لبــلوغ الشهرة وانتشــــــار

الصيت ، وكثير منهم جاهل أصلاً في هذا البــــاب ،

ومــن كان منهـم عالِماً فإنه يعلم أن التعبير يختلف

فـــي الرؤيا الواحدة من شخص لآخر ، وأن معرفة

المعبِّر بـــه ، ورؤيته لـه لها دورٌ كبيـر فـي صحة

التعبير ، فكيـف سيصيب هؤلاء وهــــم لا يعرفون

الرائي هل هـو ذكر أم أنثى ، وهل هو متزوج أم

أعزب ، وهل هو مسلم أم كافر ! .

وفي " حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب "من

كتب المالكية ( 2 / 660 ) " فـلا يجوز له تعبيرهـا

بمجرد النظر في كتاب التفسير ، كما يقع الآن ،فهو

حرام ؛ لأنها تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال ،

والأزمان ، وأوصاف الرائين ، ولـــذلك ســـأل رجلٌ

ابنَ سيرين بأنـه رأى نفسه أذَّن في النوم فقال له :

تسرق ،وتُقطع يدك ،وسأله آخر وقال له مثل هذا ،

فقال لـه : تحج ! فوجد كلٌّ منهما ما فسره لــه بــه

فقيل له في ذلك فقال : رأيـتُ هـذا سُمَيَّتُهُ حسنة ،

والآخــر سُمَيَّتُهُ قبيحة " انتهى .

قــال الشيــخ عبــد العـزيـز بــن عبد الله بــن محمــد

آل الشيـخ – حفظه الله – " أما المعبِّرون : فالواجب

عليهم تقوى الله عز وجل ، والحذر من الخوض في

هـذا الباب بغير علم ؛ فـــإن تعبير الرؤى : فتوى ؛

لقوله تعالى ( يَــا أَيُّهَـا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ

كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ ) يوسف/ 43 .

ومعلوم أن الفتوى بابها العلم ، لا الظن والتخرص،

ثـم أيضاً : تأويل الرؤى ليس مــن العلــم العام الذي

يحسن نشـره بيـــن المسلمين ليصححوا اعتقاداتهم

وأعمالهم ، بـل هي كما قــال النبي صلى الله عليــه

وسلـــم مبشرات ، وكمـا قال بعض السلف : الرؤيا

تســـر المؤمن ولا تغره هـذا ، وإن التوسع في باب

تأويل الرؤيا – حتـــى سمعنا أنــه يخصص لهـا في

القنوات الفضائية ، وكـذلك عــلى الهواتف ، وفــي

الصـحــف والمجـــلات والمنتديات الــعـــامة مــــن

المنتجعات ،وغيرها أماكن خاصة بها ؛جذباً للناس

وأكـــــلاً لأموالهم بالباطل – : كـل هـذا شرٌّ عظيم ،

وتلاعب بهــذا العلم الذي هو جزء من النبوة ، قيل

لمـــالك رحمه الله : أيعبر الرؤيا كلُّ أحدٍ ؟ فقـــال :

أبالنبوة يُلعب ؟! وقال مالك : لا يعبر الرؤيا إلا من

يحسنها ، فـــــإن رأى خيراً أخبــــر بـــه وإن رأى

مكروهاً : فليقـل خــيراً أو ليصمت ، قيــل : فهـــل

يعبرها عــلى الخير وهي عنده على المكروه لقول

من قال : إنما على ما أولت عليه ؟ فقال : لا ، ثم

قال : الرؤيا جزء من النبوة فلا يتلاعب بالنبوة .

فيجب عـلى المسلمين التعاون فــي منع هذا الأمـر ،

كلٌّ حسب استطاعته ويجب على ولاة الأمور السعي

في غلق هـذا الباب ؛ لأنه بـاب شر ، وذريعة إلــى

التخرص والاستعانة بالجـن وجر المسلمين في ديار

الإسـلام إلى الكهانة ،والسؤال عن المغيبات ، زيادة

علــى مــا فيهــا من مضار لا تخفى ، مـــن إحــداث

النزاعات والشقاق ، والتفريق بين المرء وزوجه ،

والرجــــل وأقاربه وأصدقائه كــــل هــذا بدعوى أن

ما يقـوله المعبر هو تأويل الرؤيا ، فيؤخذ على أنه

حـق محض لا جدال فيــه ، وتُبنى عليــه الظنون ،

وهـذا من أبطل الباطل ، كيف وصدِّيق هذه الأمـة ،

بـــل خــير البشر بعــد الأنبياء والمرسلين لمَّا عبر

الرؤيا قـال له النبي صلى الله عليه وسـلم ( أصبتَ

بعضاً وأخطأت بعضاً ) ونحــن لا نعـلم أن أصحاب

النبـــي صــلــى الله عليـــه وسلم وهم خير القرون

وأحرصـهم عـــلى هدي نبيـنا صلى الله عليه وسلم

وأتقاهم لله وأخشاهم لــــــه ، لا نعــلم أنهـم عقدوا

مجالس عـامـــة لتأويل الرؤى ، ولــو كـــان خيـراً

لسبقونا إليـه ، وإني إبراءً للذمة ، ونصحاً للأمة :

لأحــذر كــل من يصل إليه هذا البيان ، من التعامل

مـع هؤلاء ، أو التعاطي معهم ، والتمادي في ذلك،

بـل الواجب مقاطعتهم ، والتحذير مـــن شـــرهـم ،

عصمنا الله وإياكم من مضلات الفتن ما ظهر منها

وما بطــن ، وألزمنــا وإياكـم كلمة التقوى ورزقنا

اتبـاع سنة سيد المرسليـن واقتفاء آثــار السلــف

الصالحين و حشـرنا وإيــاكــم فـــي زمرة النبيين

والصديقين والشهداء والصالحين وحســن أولئك

رفيقاً " انتهى . مقـال " تأويل الرؤى والحذر من

التوسع فيها "ضمن"مجلة البحوث الإسلامية "

( 67 / 16 – 18 ) .

ثالثاً : أما بخصوص وقـــوع الرؤيا بالتعبير : فـفـي

المسـألة أحاديث أشهرها :1 – عَـنْ أَنَسِ بْـــنِ مَالِكٍ

قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(اعْتَبِرُوهَا

بِأَسْمَائِهَا وَكَنُّوهَا بِكُنَاهَا، وَالرُّؤْيَا لِأَوَّلِ عَابِرٍ ) رواه

ابن ماجه (3915) والحديث ضعفه كثيرون ؛ ففي

إسناده : يزيد بن أبان الرقاشي ، وهو ضعيف .

2-عَنْ أَبِى رَزِينٍ العُقيلي قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى

الله عليه وسلـم ( الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَـا لَمْ تُعَبَّرْ

فَإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ ) قَـالَ : وَأَحْسِبُهُ قَالَ ( وَلاَ يَقُصُّهَا

إِلاَّ عَلـَى وَادٍّ أَوْ ذِي رَأْيٍ ) رواه الترمذي ( 2278)

وأبو داود (5020 ) وابن ماجه ( 3914 )وحسَّنه

ابن حجر في " فتـــح البـــاري " ( 12 / 432 ) ،

وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

وقــد رأى بعــض العلمــاء أن هــذه الأحاديث منكرة

المتن – مـع ما في أسانيدها من كلام – ولذلك ذهبوا

إلى تضعيفها ، وأنهــــا مخالفة لحديث أبــي بكــــر

الصدَّيق عندما أخطأ فــي بعض التعبير أمام النبي

صلى الله عليه وسلم .

والصواب :أن الحديث الثاني حسن أو صحيح وأنـه

ليس فــي متنه نكارة ، وأن معنـاه : أن الرؤيا يقع

تعبيرهــا إذا عبَــرها مـن أصاب ، لا من أخطأ .

ومـن عظيم فقه البخاري رحمه الله أنــــه بوَّب على

حديث أبي بكر رضي الله عنه قولَه " باب من لم ير

الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب" وروى الحديث وفيه

قول أبي بكر رضي الله عنــــه : فَأَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ

اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ ، قَالَ النَّبِيُّ صـــلى

الله عليه وسلم(أَصَبْتَ بَعْضاً وَأَخْطَأْتَ بَعْضاً) رواه

البخاري ( 6639 ) ومسلم ( 2269 ) .

وهـــذا المعنى هــو الذي ذهــب إليــه جماهير

العلماء والشرَّاح .

قــال الزمخشري " ليس المعنى أن كــل من عبَرها

وقعت على ما عَبَر ولكن إذا كان العابر الأول عالماً

بشروط العبارة ، فاجتهـدَ ، وأَدَّى شرائطها ، ووُفق

للصواب فهي واقعةٌ على ما قال ،دونَ غيره"انتهى

"الفائق في غريب الحديث والأثر"(3/281).

وفي فوائد حديث أبي بكر قال النووي رحمه الله"وأن

الـرؤيا ليست لأول عابر على الإطلاق وإنما ذلك إذا

أصاب وجهها"انتهى " شرح مسلم (15 ، 30 ) .

وقال ابن بطَّال رحمه الله "وقال أبو عبيد وغيره من

العلماء : تأويل قوله ( الرؤيا لأول عابر ) إذا أصاب

الأول وجه العبارة ، وإلا فهي لمن أصابها بعده ، إذ

ليس المدار إلا على إصابة الصواب فيما يرى النائم

ليوصل بذلك إلى مراد الله بما ضربه من الأمثال في

المنام ، فــإذا اجتهد العابر وأصاب الصـــواب فـــي

معرفـة المراد بما ضربه الله في المنام : فـلا تفسير

إلا تفسيره ، ولا ينبغي أن يسـال عنها غيره إلا أن

يكون الأول قد قصـر بـــــه تأويله فخالــف أصــول

التأويـل ، فللعابر الثاني أن يبين ما جهله ، ويخبر

بمــا عنده ، كمـــا فعل النبي عليه السلام بالصدِّيق

فقــال ( أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً ) ولــو كانـت

الرؤيا لأول عابر ســـواء أصاب أو أخطأ : ما قال

لــــــه الرسول صـلى الله عليه وسلــم ( وأخطأتَ

بعضـاً ) " انتـهى . " شـــرح صحيح البخاري "

(9 /560 ، 561 ) . والله أعلم

موقع الإسلام سؤال وجواب

جزاج الله خير
جزيتي الجنااااان
اشكر مروركم العطرخليجية
يزاج الله خير
جزاج الله خير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.