قال النبي صلى الله عليه وسلم:
عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة
شرح:
الضمائر في ( آثارهم، ومنارهم ) للأئمة المهتدين أئمةالأمة، واحدهم إمام
يعني: قدوة في الدين كما حكى الله تعالى عنهم:
رَبَّنَاهَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا
الفرقان:74
أي: قدوة وأسوة، وقد أجاب الله دعوتهم – يعني:
( صالحي الأمة – فصاروا أئمة يقتدى بهم)
(وآثارهم ) ليس المراد مواطيء الأقدام
وإنما المراد ما نُقلعنهم، أي: ما أثر عنهم
الآثار: في الأصل هي بقايا الأقدام،أو مواطئ الأقدام، وتطلق على بقايا العلم كما في قوله تعالى
َوْأَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ
الأحقاف:4
يعني: بقية
ويقول الشاعر:
تلك آثارنا تدل علينا
فانظروا بعدنا إلى الآثار
يريد بالآثار المعلومات التي حفظت عنهم، و نقلت عنهم، فأمرنا بتقفي آثارهم يعني باتباعها؛لأنهم اقتفوا أثر نبيهم صلى الله عليه وسلم.
وأُمرنا بأن نستنير بمنارهم، وأصل المنار العَلم الكبير، أو النور الظاهر، ولكن هنا يطلق على علومهم التي هي منيرة مضيئة ساطعة يظهر لمن تأملها وضوحها، أمرنا بأن نسير على ذلك المنار،وأن ننهج ذلك المنهج حتى نكون بذلك معهم نسير كما يسيرون ونقف كما يقفون.
الأمر من النبي – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذي مر بنا، وهوالحديث المشهور الذي رواه العرباض بن سارية وفيه
وعظنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – موعظة بليغة،وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع فأوصنا، فقال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد حبشي، فإنه من يعِشْ منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين منبعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثةبدعة، وكل بدعة ضلالة.
وقد شرح هذا الحديث ابن رجبالحنبلي في جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثًا من جوامع الكلم، وذكر جملة من المواعظ التي نقلت عن النبي – صلى الله عليه وسلم.
وقد أجمل الصحابي – رضي الله عنه – في هذاالحديث تلك الموعظة، فكأنهم استشعروا أنها توصية أو أنها توديع، فلذلك قالوا: (موعظة مودع ) كأنك تودعنا، ويكون ذلك في آخر حياته صلى الله عليه وسلم، ولا نطيل فيما يتعلق بالحديث.
ولكن يهمنا قوله صلى الله عليه وسلم
عليكم بسُنَّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي
هذا حث على التمسك بها، فإن كلمة عليكمأمر كقوله تعالى
عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ
المائدة:105
فمعناه: إلزموا سُنتي وسيروا عليها، و تمسكوا بها، و انهجوانهجها، و اعملوا بها حسب استطاعتكم
هكذا ذكروا أن هذه اللفظة: ( عليكم بكذا ) تقتضيالأمر، أو الإلزام أو التأكيد فأنتِ إذا قلتِ مثلا:
عليكِ بقراءة القرآن فإنكِ تحثين على ذلك
أو
تنهين عن شيء تقول مثلا: عليكِ بالبعد عن الفواحش
فكلمة ( عليك بكذا)تقتضي الأمر
و
كلمة ( إياكِ وكذا ) تقتضي الزجر
واقتصر على ( إياكمومحدثات الأمور ) دون أن ينهى عنها
فلم يقل: اتركوها، ابتعدوا عنها
لأن كلمة
(إياكم ومحدثات الأمور ) أبلغ مِن ( اتركوها )
وإذا قلتِ مثلا:
إياكِ وصاحبة السوء!
إياكِ وقرينة السوء!
إياكِ وجليسات السوء!
معناه:
احذريهم وابتعدي عنهم
فإياكم ومحدثات الأمور، أي: ابتعدوا عنها
وهنا أيضًا من التأكيد على السنة قوله
(عضوا عليها بالنواجذ ) بعد قوله:
( تمسكوا بها )
وهذا كله حث على العمل بها
فإن التمسك في الأصل الإمساك باليدين، وقد ينفلت منكِ الشيء الذي أمسكتيه بيديكِ، فتحتاجين
إلى زيادة توثق، وليس عندكِ إلا أسنانك بل أقاصي أسنانك، وهي النواجذ ( عضوا عليهابالنواجذ )
أي: مع تمسسككم بها باليدين زيدوا على ذلك العض عليها بأقاصي الأسنان
ليكون ذلك أقرب إلى الثبات عليها
وكأنه استشعر صلى الله عليه وسلم
أن هناك من يزعزعكِ عن هذه السنة
÷
ويسعى في تفلتك منها، ويخذلك لكي تتركيها وتتخلين عنها
من دعاة السوء والباطل و أهل الشبهات و التشكيكات
و نحوهم
فكأنه لما علم كثرة الفتن التي توهن التمسك بالسنة
أمر صلى الله عليه وسلم
بشدها بقوة
وأمر
بإمساكها إمساكًا قويًّا
والسنة في الأصل: هي الطريقةالتي يسار عليها، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم هي الشريعة التي بلغها، وتطلق على أقواله و أفعاله و تقريراته، وتطلق على الشريعة التي جاء بها على أنها من دينه الذيأُرسل به، وتطلق على الأحاديث التي هي موضحة للقرآن ، فيقال: القرآن هو كتاب الله،والسنة هي أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولكن الأصل أن السنة هناهي الشريعة التي كان عليها..
( عليكم بسُنَّتِي ) يعني:
ما أنا عليه و ما أعمله، و ماأقوله، و ما بلغتكم به من هذه الشريعة، سواء في الاعتقادات أو في الأعمال، كل ذلك منالسنة فسيروا على نهجه، واعملوا بما يعمل به، وبذلك تصلون إلى سبيل النجاة.
و الخلفاء الراشدون معروفون ، و سُموا بذلك لأنهم خلفوا رسول الله صلىالله عليه وسلم
خلفوه في الولاية
و
في التبليغ
و
في الأعمال
فبلغوا ما بلغ – رضيالله عنهم – وساروا على نهجه وألزموا أنفسهم أن لا يتركوا شيئًا مما كان يعمل بهالنبي – صلى الله عليه وسلم – إلا عملوه.
التزم بذلك أولهم الذي أطلقعليه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتفق الصحابة على تلقيبه بهذا
( خليفةرسول الله صلى الله عليه وسلم )، وقد وافقوا على ذلك، ولم يخالف في زمنه أحد يقول: إنه لا يستحق هذا الاسم، بل المسلمون على وجه الأرض اتفقوا على أن يخلف النبي صلىالله عليه وسلم، أو أن النبي صلى الله عليه و سلم استخلفه إما بالصراحة، وإمابالإشارة.
والخلفاء الراشدون خلافتهم ثلاثون سنة، ورد في حديث سفينة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
لخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم تكون مُلكًا
وفي حديث آخر
تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين سنة
ولعله إشارة إلى
( مقتل عثمان رضي الله عنه )
وما حصل بعده من الفتن.
فنعرف من هذاالحديث أن الخلفاء الراشد ينسماهم النبي صلى الله عليه وسلم: خلفاء ووصفهم بثلاث صفات:
الصفة الأولى:الخلافة ،أي: أنهم خَلَفٌ عنه
الصفة الثانية:الرُّشد
الصفة الثالثة:الهداية
وكفى بها تزكية لهم، وحثًّا على السير على نهجهم، وشهادة بأنهم أهل حق وصواب
و
أن الذين يطعنون فيهم قد خالفوا العقل والنقل، و عاندوا في تركما هو أشهرمن نار على علم، من السنة التي جاءت في مدحهم وتزكيتهم، مع هذه التزكية من النبي صلى الله عليه وسلم، وتسميتهم خلفاء
فتجدون من هم يسبّونهم ويقذعون في سبّهم
وبالأخص الثلاثة:
أبا بكروعمروعثمان،ويشتمونهم ويدعون أنهم مغتصبون للخلافة، وعلى هذا لا يكون لهذا الحديث
-عندهم- فائدة
فإنا لله وإنا إليه راجعون!.
وهذا الحديث– أيضًا – إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم بأنهناك محدثات، والمحدثات هي المبتدعات، فحذر منها، وأخبر بأن كل محدثة بدعة، ويرادبها ما يضاف إلى الشريعة من الأقوال و الأفعال و العقائد، وأنه حادث بعد أن لم يكن
وأنه ضلال ( كل بدعة ضلالة )
والضلال: هو الضياع، الضال: هو التائه الضائع الذي ليس على هدى، وليس على بيان.
وتلك البدع والمحدثات كثيرة،
ولكن المهم منها
ما يتعلق بالعقيدة
فإن من عقيدة المسلمين – مثلا –
أن الرب – سبحانه وتعالى – موصوف بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم حدثت بدعة من فئة تنكر ذلك، وسموا معطلة، فهذه بدعة ضالة
و من عقيدة المسلمين أن الإنسان ينسب إليه عمله وليس بمجبور، ثم حدثت بدعة فيها؛ أن الله لا يقدر على أفعال العباد: وهذه بدعة ضلال، و من عقيدة المسلمين أن الإنسان ينسب إليه عمله، ثم حدثت بدعة فيها: أن الإنسان ليس له اختيار، وأنه مجبور على فعله، وهذا بدعة ضلال!!
وهكذا بقية البدع كبدعة الخوارج، و بدعة المعتزلة، و بدعة التكفير و التفسيق، وما أشبه ذلك، كلها من البدع التي أخبر بها في هذا الحديث ( إياكم ومحدثات الأمور )
و
ليس المقام مقام الكلام على تفنيد البدع
فهي مشهورة في كتب العلماء رحمهم الله.
جزاج الله خير وبارك الله فيج….هذي حقائق الكل يعرفها ومحد يقدر يخالف كلام الرسول وأحاديثه عليه الصلاة والسلام وإذا في البعض القليل ضالين عن هذي الحقائق ندعوا لهم بالهدايه آمييييييييييين وربي ينور قلب جميع المسلمين ويهديهم علي الصراط المستقيم…..مواضيعج مفيده جدا يليت الكل يقرأها ويستفيد وفقكي الله بالدارين آمييييييييييييييين