|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
____________
إعداد فرحان عبدالله الفرحان
هكذا كانت بدايات الكويت الأولى حينما وصلت الأسرة الحاكمة آل الصباح من الهدّار قبل أربعة قرون. وحتى نلقي الضوء على هذه الرحلة الطويلة من الهدّار إلى الكويت علينا أن نلتقط أول اشارة إلى كلمة الهدّار التي لا يعرفها إلا القليلون. نرجع إلى كتاب «تاريخ الكويت» للشيخ المرحوم عبدالعزيز الرشيد الذي أخرجه قبل خمس وثمانين سنة. يقول في الصفحة الـ13 من الجزء الأول «وطن آل الصباح الأصلي وسبب هجرتهم» من الكتاب: «اختلف في وطنهم الأصلي الذي كانوا فيه زمن صباح الأول جدهم الأكبر، فقيل كانوا في نجران، وقيل بل تحدروا من خيبر، والصحيح انهم كانوا في الهدّار من مقاطعة الأفلاج من نجد».
وحتى نتعرف على الهدار التي تقع وإلى عهد قريب في مجاهل صحراء نجد الجنوبية في الأفلاج توجهت موسوعة اسماء الأماكن في المملكة العربية السعودية وفي مجلد الخرائط بالذات وفي الخريطة المخصصة لمنطقة الرياض وبعد أن استعرضت هذه الخريطة وأخذت أبحّر (بتشديد الحاء: أدقق وأبحث) عن الهدار في هذه الخريطة فوجدتها في أقصى جنوب هذه الخريطة في الافلاج بعد حوطة بني تميم وادي الهدّار ومدينه الهدّار. من الشيء الغريب ان أجد اسماء لمناطق على مقربة من الهدّار وهي السدْرة، الدريعي، المواش، السويدان الناهض، وهذه الأسماء ايضا موجودة في الكويت. تواجدت في هذه البلاد قبل قرنين، والسؤال: هل هذه الاسر تحدرت مع الأسرة الحاكمة في الكويت وآل خليفة حكام البحرين وآل بن علي وآل النصف، هل هذه الاسر وصلت في الفترة نفسها، خصوصا أن أسرة آل السدرة كانت من سكان فريج الفرج وجيران الشاعرة موضي العبيدي، هل هؤلاء انحدروا مع آل بن طوق الصراف أجداد آل الفرج وجاؤوا إلى الكويت في وقت مبكر؟ الملاحظات الأولية تدلنا على أنهم جاؤوا من منطقة الافلاج التي من ضمنها الهدّار.
في كتاب «تاريخ الافلاج وحضارتها» للاستاذ عبدالله الجذالين يقول في صفحة 49 عن الهدّار التالي:
الهدّار
هي أبعد قرى الافلاج، حيث تبعد عن مدينة ليلى بنحو 110 أكيال وهي عامرة بالسكان، ففيها قبيلة النتيفات وقبيلة الوداعين وقبيلة المصارير، وتحمل هذا الاسم من قديم الزمان، فقد كان وادي الهدار كله خالصاً لبني الحريش، ومن هذه القرية هاجر آل صباح حكام الكويت وآل خليفة حكام البحرين، وهي منطقة أثرية فيها كثير من القصور، كقصر صبحا وحصن موسى بن نمير الحرشي وغيرهما، وقد تحولت الى مدينة منتظمة ذات احياء محاطة بالنخيل والاشجار، ويوجد فيها مجمع قروي يقوم بمهام تطورها وازدهارها.
وذكر الاستاذ الجذالين كذلك اسماء بعض مناطق الافلاج منها: ليلى، البديع، الاحمر، واسط، الفيل، ستارة، حراضة، السيح، الغويضلية، الحزفة، الصفو، الروضة، سويدان، مروان، الرزقية، أسيلة.
على مقربة من مقاطعة الافلاج كذلك منطقة حوطة بني تميم، وهي التي انحدر منها المعاضيد حكام قطر اليوم.
هذه المنطقة الممتدة من اليمامة حتى تخوم اليمن كان يسكنها اقوام كثيرون على مر التاريخ.
كانت هذه المنطقة منذ عهد سحيق يطلق عليها اليمامة، وهنا نرجع الى الحسن الهمداني صاحب كتاب «صفة جزيرة العرب» والذي ولد سنة 280هـ، يقول كتابه آنف الذكر صفحة 307 التالي:
اليمامة: أرض اليمامة حجر وهي مصرها ووسطها ومنزل الامراء منها واليها تجلب الاشياء، ثم جَوّ وهي الخضرمة وهي اليمامة وهي من حجْر على يوم وليلة، فيها بنو سحيم وبنو ثمامة وبنو عامر بن حنيفة وبنو ع.جْل، والع.رض وهو واد باليمامة من اعلاها الى أسفلها، وفيه قرى ينزلها بنو حنيفة، واسفله الكرش قرية فيها بنو عدي بن حنيفة، والى جانبها قرية يقال لها منفوحة لبني قيس بن ثعلبة، وفوق ذلك قرية يقال لها وبْرة فيها ناس من البادية، وفوق ذلك قرية يقال لها العَوقة2 فيها ناس من بني عدي بن حنيفة، وفوق ذلك قرية يقال لها غبراء فيها بنو الحارث بن مسلمة عُبيد، وفوق ذلك قرية يقال لها مَُهَشمة والعمارية مقرونة فيها بنو عبدالله ابن الدّول، وفوق ذلك قرية يقال لها فيشان فيها بنو عامر بن حنيفة، وفوق ذلك قرية يقال لها أباض فيها كانت وقعة خالد بن الوليد ومسيلمة لبني عدي ابن حنيفة، وفوق ذلك قرية يقال لها الهدار فيها بنو ه.فان بن الحارث بن الدّول.
في كتاب «المعجم قبائل العرب» لعمر رضا كحالة الجزء الثالث صفحة 1220جاء التالي حول «بنوهفان»:
هفان بن الحارث بطن من الدّول من العدنانية وهم بنو هفان بن الحارث أبن ذهل بن الدّول من قراه «الهدار» باليمامة، ويجب ان نعلم ان الدّول انجب اربعة ابناء هم: مرة وعبدالله وذهل وثعلبة، والدول هو ابن حنيفة بن لجيم.
بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أقصى، بن دعمي بن جديلة، وجديلة هذا أشقاؤه عميرة وعنزة المعروفة اليوم أعنزلة، وبكر بن وائل جرجر الدول سكان الهدار أشقاؤه عنز وتغلب، وهذا الأخير تغلب الذي يقول فيه
الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة حاكم البحرين في نهاية القرن التاسع عشر التالي من قصيدة طويلة نقتطف منها:
أنا في أعلى الذرى من وائل
فأسألي عني جميع العرب
نحن أهل التاج وهّاجا على
رأس أعلى سيد في تغلب
هذا هو محمد عيسى آل خليفة -رحمه الله- وهو يستعيد ذكريات أسرته، ذلك عندما قال هذه القصيدة الطويلة،
يستعيد ذكريات الهدار وسكانه من بني حنيفة وتغلب أبناء وائل.
وهنا يسرني أن أذكر ملاحظات الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله- حيث يقول في كتابه «ابن عربي موطد الحكم الأموي في نجد» وهو غير الإمام أبي بكر بن العربي العالم المفسر، وغير ابن عربي الصوفي يقول الشيخ الجاسر في صفحتي 41 و42 التالي:
من المعروف ان بني حنيفة كانت قد استقرت في اليمامة قبل عهد فيه فرقت ربيعة القبيلة الأم الحروب، ومزقت شملها،
فانتقلت الى شرق الجزيرة، ومنها الى العراق وما يتصل به من البلاد.
اما بنو حنيفة ومعهم فروع قليلة اخرى من بني بكر بن وائل، فقد استقروا في وسط اليمامة،
واتخذوا من اوديتها مواطن استقرار، واستطاعوا ان يحموا أنفسهم ممن احاط بهم من القبائل التي لا تربطها بهم رابطة النسب القريبة،
على حد قول شاعرهم موسى بن جابر الحنفي اليمامي:
وجدنا ابانا كان حل ببلدة
سوى بين قس قس عيلان والفزر
ورابية اما العدو فحولها
مطيف بنا في مثل دائرة المهر
فلما نأت عنا العشيرة كلها
أقمنا وحالفنا السيوف على الدهر
فما اسلمتنا عند يوم كريهة
ولا نحن اغضينا الجفون على وتر
وقد انتشرت بطون بني حنيفة وابناء عمومتهم من بني قيس بن ثعلبة وبني يشكر وغيرهم من بكر بن وائل
في اودية جبل عارض اليمامة، واشهرها العرض (عرض بني حنيفة) وما حوله من الاودية.
ومن اشهر بطون بني حنيفة بنو عدي، ومن هؤلاء مسيلمةالكذاب، والعباس بن الاحنف الشاعر ونجدة بن عامر،
وكانت منازل بني عدي هؤلاء متفرقة في اعلى العرض، وفي اسفله حتى منطقة الخرج، ومن قراهم في اعلى العرض النقب وعقرباء واباض.
قال الهمداني بعد ان ذكر منفوحة قال: وفق ذلك قرية يقال لها العوقة، فيها ناس من بني عدي، وفوق ذلك غبراء،
وفوق ذلك مهشمة، والعمارية مقرونة بها، وفوق ذلك فيشان، وفوق ذلك قرية لها اباض، بها واقعة خالد بن الوليد ومسيلمة،
لبني عدي بن حنيفة، وفوق ذلك قرية يقال لها الهدار.
ويفهم من نصوص اخرى ان اباض عرض كثير النخل والزرع.
وقد قرنها الشاعر بالهدار – اذ قال – وهو موسى بن جابر الحنفي:
فلا يغرنك فيما مضى
جخيف قريش وإكثارها
غداة علا ع.رضَنا خالد
وسالت أباضُ وهدارها
ان الذي يستعرض هذه المنطقة ويرجع الى الوراء قبل اربعة قرون فإن المنطقة تعتبر منطقة مقفلة
ومرت عليها فترات طويلة من السبات، وكانت الحياة تعتمد على الامطار والرعي والزراعة.
ان من يستعرض خريطة المملكة العربية السعودية وخريطة الرياض يلحظ هذا الطريق المار من شرقي الجزيرة العربية،
مارا بالرياض الحجر سابقا ثم حوطة بني تميم قليلي الافلاج، وهو متجه الى اليمن يكون على يمينك بعد ليلى البديع، ويتفرع
منه طريق على اليمين الى الهدار، واذا واصلت الطريق الى اليمن فستكون «الفاو» المفصل القرية التي اكتشفت اثريا
قبل ثلاثين سنة وهي غير «الفاو» آخر حدود العراق الجنوبية.
اذن كانت المنطقة منطقة تواصل بين نجد واليمن بلد الحضارة في تلك الحقبة من الزمن، وان كان الناس اخذوا يهجرون
هذه القرى مع الشح وقلة الامطار والمجاعة والاتجاه الى الخليج العربي الاقرب إليهم، ولهذا نجد كثيرا من سكان شرقي الجزيرة العربية قطر الامارات البحرين الكويت غالبيتهم جاءوا من هذه المنطقة وما حواليها.
اخيرا هذه لمحات اولية على الهدار وسكانه في القديم، وهذه القرية التي دخلت التاريخ.
فرحان الفرحان – 3/19/2010 – جريدة القبس
يعطيج آلعآآفيہ حبيبتي ،
..
حياج الله اختي