تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » توقير العلم وأهله !!!!

توقير العلم وأهله !!!!

توقير العلم وأهله !!

( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون ) المنافقون : 8 .
قال الثوري : لو أن فقيها على رأس جبل ، لكان هو الجماعة .

الحمد لله الذي أعز من أطاعه ولو كان عبدا حبشيا ، وأذل من عصاه ولو كان حرا قرشيا

وأشهد ألا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ومصطفاه

وبعد :

فمن عظيم فضل الله وحكمته ، أن فضل الله العلماء به وبشريعته ، ورفع منزلتهم وأحبهم ، فقال سبحانه ( يرفع الله الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات ) المجادلة : 11 .
وقال عزوجل ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) الزمر : 9 .

وعن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله يرفع بهذا العلم أقواما ويضع به آخرين " رواه مسلم .

وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : " فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم " ثم قال : " إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها ، وحتى الحوت ، ليصلون على معلم الناس الخير " رواه الترمذي ( 2838 ) .

والعلماء هم ورثة الأنبياء ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " .. إن العلماء هم ورثة الأنبياء ، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ، إنما ورثوا العلم ، فمن أخذ به ، فقد أخذ بحظ وافر " رواه أبوداود والترمذي ( 2835 ) .

ولا يجتمع الفقه في الرجل والنفاق ، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خصلتان لا تجتمعان في منافق : حسن سمت ، ولا فقه في الدين " رواه الترمذي ( 2837 ) .
توقير العلم وأهله ، من سمات السلف الصالح ، وأتباعهم الصادقين ، فقد كان الصحابة يوقرون أكابرهم وفقهائهم ، وتلقى ذلك عنهم التابعون وأتباعهم ، وامتد هذا الخلق الكريم إلى زمان الأئمة المتبوعين ، أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد والثوري والأوزاعي وإسحاق وأبي ثور وغيرهم .
دون النظر لجنسهم أو لونهم أو قبيلتهم أو فقرهم ، وغيرها من الاعتبارات .

كان مجاهد آية في التفسير ، وكان من سودان مكة مولى لإبن عباس ، وكان ابن عمر يأخذ له الركاب ويسوي عليه ثيابه إذا ركب الدابة .
وقد قال سفيان الثوري : إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك .

وكان عطاء بن أبي رباح الثقة الفقيه العالم المحدث من مولدي الجند ونشأ بمكة ، وهو مولى لبني فهر أو الجمح ، وانتهت إليه فتوى أهل مكة .

وصلى زيد بن ثابت على جنازه ثم قربت له بغلة ليركبها ، فجاء ابن عباس فأخذ بركابه ، فقال له زيد : خل عنك يا ابن عم رسول الله ، فقال ابن عباس : هكذا ُيفعل بالعلماء والكبراء .

وكان الإمام أحمد رحمه الله : متكئا من علة ، فذكر عنده إبراهيم بن طهمان فاستوى جالسا ، وقال : لا ينبغي أن نذكر الصالحين فنتكىء .

وإذا نشأ الصغار على توقير العلماء وحبهم تأثروا بهديهم ، واستمعوا لأقوالهم ، واقتدوا بأفعالهم وآثارهم ، وعظمت الشريعة في نفوسهم ، وصار عندهم ولاء عظيم للإسلام وأهله .

قال الثوري : إن من نعمة الله على الفتى ، أن يوفقه لصاحب سنة .

قال أهل العلم :
وبتوقير العلماء تحفظ الشريعة ، وتنشر أحكامها ، ويكثر سواد أهل السنة ، ويجتمع شمل الأمة ، وتأتلف كلمة المسلمين ، وتذهب شوكة أهل الفجور ، ويأتمر العامة بكلمة العلماء ، ويفيء المسلمون لدينهم عند نزول الفتن والنوازل ، والأمور المدلهمة .

وتوقير العلماء يكون بالثناء عليهم ، والسؤال عنهم ، وتفقد أحوالهم وزيارتهم ، والأخذ عنهم ، ونشر علمهم وفتاواهم ، وستر عيوبهم ، والذب عنهم ونصيحتهم ، والدعاء لهم ، ومؤازرتهم على البر والتقوى ، وتعظيم منزلتهم عند العامة والخاصة .
ولا خير في أمة لا توقر علمائها ، فالعلماء هم مرجع الأمة ، وبإسقاطهم ينتصر الكفرة والمنافقون وأعداء الإسلام ، وبإقصائهم يعلو شأن الكفر والنفاق وأهل البدعة والشر ، ويستطير شرهم ، وإذا رأيت الرجل يغمز العلماء فلا ترج فيه خيرا ، واعلم أنه على شفا هلكة وسبيل بدعة .

قال بعض السلف : من تكلم في الأمراء ذهبت دنياه ، ومن تكلم في العلماء ذهب دينه .
وفال أبو حزم : صار الناس في زماننا يعيب الرجل من هو فوقه في العلم ، ليرى الناس أنه ليس به حاجه إليه ، ولا يذاكر من هو مثله ، ويزهى على من هو دونه ، فذهب العلم وهلك الناس .

والناس في هذا الباب على ثلاثة أقسام :

1- قسم جفوا العلماء وطعنوا فيهم ، وتركوا ما يجب عليهم من التوقير لهم .
فهولاء فيهم شبه بالخوارج المارقين ، الذين هم حدثاء الأسنان ، سفهاء الأحلام ، الذين يركبون الدين بالحماس والغيرة على خلاف الشرع .

2- وقسم وقروهم وغلوا فيهم ، حتى رفعوهم فوق منزلتهم ، فجعلوهم بمنزلة الأنبياء المعصومين ؟! الذين يتعبد بقولهم ، وربما عبدوهم من دون الله !
فهولاء طائفة من أهل البدع كالرافضة والصوفية ومن نحى نحوهم .
كما قال سبحانه ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) التوبة : 31 .
3- وقسم توسطوا فيهم فوقروهم وعظموهم ، ولم يغلوا فيهم ، واقتدوا بهم بما معهم من الحق ، واعتذروا عن خطأهم ، فهولاء هم المتبعون للسلف الصالح .

ولا يلزم من توقير العالم متابعته في الخطأ البين ، والقول الشاذ ، بل يترك قوله ويناصح ، ولا تنتهك حرمته لحصول الهفوة منه ، فما من عالم إلا وله خطأ وزلة ، وأهل العقل والإنصاف يسترون العيوب ، ويحفظون للعالم حرمته ومنزلته ، ويسرون إليه نصيحته .
وأهل الظلم والجهل يفرحون بزلة العالم ! ويطيرون بها في المجالس ، ويهتكون ستره ويسعون لإسقاطه !
ومن ابتغى الذلة للعلم وأهله ، أذله الله عزوجل ، قال تعالى ( إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين * كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز ) المجادلة : 20 – 21 .

وليس من الإنصاف مطالبة العالم بالكمال في كل شيء .
ومن تابع العالم في زلته ، وتعصب له فيها ، فقد أساء له ، وصار من أهل الرأي المذموم .
نسأل الله الكريم أن يصلح نياتنا وأحوالنا وأقوالنا وأعمالنا جميعا ، وأن يغفر لنا ذنوبنا ، ويستر عيوبنا ، إنه هو السميع العليم .
والله أعلى وأعلم ،،،
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين
منقول من شيخي حفضه الله محمد حمود النجدي

جزاك الله خير وبارك فيك ونفع بك
اجمعين يا رب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.