|
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم
وقد سئل سماحة الوالد العلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله تعالى – السؤال التالي :
يقول البعض : إن تصحيح الألفاظ غير مهم مع سلامة القلب ، فهل هذا صحيح ؟
فأجاب : ( إن أراد بتصحيح الألفاظ إجراؤها على اللغة العربية فهذا صحيح ، فإنه لا يهم أن تكون الألفاظ غير جارية على اللغة العربية ، ما دام المعنى مفهومًا وسليمًا .
أما إذا أراد بتصحيح الألفاظ ترك الألفاظ التى تدل على الكفر والشرك فكلامه غير صحيح ، بل تصحيحها مهم .
ولا يمكن أن نقول للإنسان أطلق لسانك فى قول كل شيء ما دامت النية صحيحة ، بل تقول الكلمات مقيدة بما جاءت الشريعة الإسلامية ) . " المناهي اللفظية " : ( السؤال الأول ) .
وإليك هذه المخالفة الحديثة ، والتي انتشرت انتشارًا سريعًا في تواقيع وصور الأعضاء بالمنتديات والمواقع العامة والعلمية والإسلامية بعد موت الرئيس العراقي ( صدام حسين ) ، وهي قول الشاعر : ( لا تأسفن على غدر ( الزمان ) لطالما . رقصت على جثث الأسود كلاب . لا تحسبن برقصها تعلو على أسيادها . تبقي الأسودُ أسودًا ، والكلابُ كلاب ) . فاستبدلت في الأبيات كلمة ( اللئام ) ب ( الزمان ) .
ما معنى لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر
سؤال:
هل الحديث لا تسبوا الوقت فإن الله هو الوقت يصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وإذا كان صحيحا, فكيف تفسره؟ فقد أشكل علي هذا الموضوع.
الجواب:
الحمد لله
الحديث ليس بهذا اللفظ " لا تسبوا الوقت فإن الله هو الوقت " ، وإنما هو بلفظ " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر " ( وقد يكون اللفظ المذكور جاء بسبب طريقة ترجمة السؤال ) ، وقد رواه مسلم عن أبي هريرة ( 5827 ) ، وفي لفظ آخر: " لا يسب أحدكم الدهر فإن الله هو الدهر " ، وفي لفظ آخر : " لا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر فإن الله هو الدهر " ، وفي لفظ : " قال الله عز وجل : يؤذيني ابن آدم يقول يا خيبة الدهر فلا يقولن يا خيبة الدهر فأنا الدهر أقلب الليل والنهار فإذا شئت قبضتهما " .
و أما معنى الحديث فقد قال النووي :
قالوا: هو مجاز وسببه أن العرب كان شأنها أن تسب الدهر عند النوازل والحوادث والمصائب النازلة بها من موت أو هرم أو تلف مال أو غير ذلك فيقولون " يا خيبة الدهر " ونحو هذا من ألفاظ سب الدهر فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر " أي : لا تسبوا فاعل النوازل فإنكم إذا سببتم فاعلها وقع السب على الله تعالى لأنه هو فاعلها ومنزلها ، وأما الدهر الذي هو الزمان فلا فعل له بل هو مخلوق من جملة خلق الله تعالى .
ومعنى " فإن الله هو الدهر " أي : فاعل النوازل والحوادث وخالق الكائنات والله أعلم .
" شرح مسلم " ( 15 / 3 ) .
وينبغي أن يعلم أنه ليس من أسماء الله اسم " الدهر " وإنما نسبته إلى الله تعالى نسبة خلق وتدبير ، أي : أنه خالق الدهر ، بدليل وجود بعض الألفاظ في نفس الحديث تدل على هذا مثل قوله تعالى : " بيدي الأمر أقلِّب ليلَه ونهارَه " فلا يمكن أن يكون في هذا الحديث المقلِّب – بكسر اللام – والمقلَّب – بفتح اللام – واحداً ، وإنما يوجد مقلِّب – بكسر اللام – وهو الله ، ومقلَّب – بفتح اللام – وهو الدهر ، الذي يتصرف الله فيه كيف شاء ومتى شاء .
انظر " فتاوى العقيدة " للشيخ ابن عثيمين ( 1 / 163 ) .
قال الحافظ ابن كثير – عند قول الله تعالى : { وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر } [ الجاثية / 24 ] – :
قال الشافعي وأبو عبيدة وغيرهما في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم : " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر " كانت العرب في جاهليتها إذا أصابهم شدة أو بلاء أو نكبة قالوا : " يا خيبة الدهر " فيسندون تلك الأفعال إلى الدهر ويسبونه وإنما فاعلها هو الله تعالى فكأنهم إنما سبوا الله عز وجل لأنه فاعل ذلك في الحقيقة فلهذا نهى عن سب الدهر بهذا الاعتبار لأن الله تعالى هو الدهر الذي يصونه ويسندون إليه تلك الأفعال .
وهذا أحسن ما قيل في تفسيره ، وهو المراد . والله أعلم
" تفسير ابن كثير " ( 4 / 152 ) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين حفظه الله عن حكم سب الدهر :
فأجاب قائلا:
سب الدهر ينقسم إلى ثلاثة أقسام .
القسم الأول : أن يقصد الخبر المحض دون اللوم : فهذا جائز مثل أن يقول " تعبنا من شدة حر هذا اليوم أو برده " وما أشبه ذلك لأن الأعمال بالنيات واللفظ صالح لمجرد الخبر .
القسم الثاني : أن يسب الدهر على أنه هو الفاعل كأن يقصد بسبه الدهر أن الدهر هو الذي يقلِّب الأمور إلى الخير أو الشر : فهذا شرك أكبر لأنه اعتقد أن مع الله خالقا حيث نسب الحوادث إلى غير الله .
القسم الثالث : أن يسب الدهر ويعتقد أن الفاعل هو الله ولكن يسبه لأجل هذه الأمور المكروهة : فهذا محرم لأنه مناف للصبر الواجب وليس بكفر ؛ لأنه ما سب الله مباشرة ، ولو سب الله مباشرة لكان كافراً .
" فتاوى العقيدة " ( 1 / 197 ) .
ومن منكرات الألفاظ عند بعض الناس أنه يلعن الساعة أو اليوم الذي حدث فيه الشيء الفلاني ( مما يكرهه ) ونحو ذلك من ألفاظ السّباب فهو يأثم على اللعن والكلام القبيح وثانيا يأثم على لعن ما لا يستحقّ اللعن فما ذنب اليوم والسّاعة ؟ إنْ هي إلا ظروف تقع فيها الحوادث وهي مخلوقة ليس لها تدبير ولا ذنب ، وكذلك فإنّ سبّ الزمن يعود على خالق الزّمن ، فينبغي على المسلم أن ينزّه لسانه عن هذا الفحش والمنكر . والله المستعان .
المصدر
وهذه فتوى للشيخ صالح الفوازن حفظه الله
وفيه شرح الحديث
يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار »
المصدر
ولسماع الفتوى
الله يغفر لنا زلاتنا
ويخليك
ويعطيج العافيه ع الموضوع