تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » تفسير البسملة : تفسير [ الرحمن الرحيم ] / من معاني الرحمة :: زيد البحري

تفسير البسملة : تفسير [ الرحمن الرحيم ] / من معاني الرحمة :: زيد البحري

تفسير البسملة [ 20 ]
تفسير اسمي الله :
الرحمن الرحيم ( 7 )
من معاني الرحمة في القرآن :
المطر ( 1)
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مازال الحديث متواصلا حول معاني الرحمة في كتاب الله عز وجل
ذكر طرف من هذه المعاني في الليالي الماضية
ونتحدث في هذه الليلة عن بعض من هذه المعاني :
فمن معاني الرحمة في القرآن :
المطر
تأتي الرحمة في القرآن بمعنى المطر
ما الأدلة على هذا ؟
قال تعالى :
((وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ))
يعني : يرسل الرياح قدام المطر
فإذاجاءت هذه الريح فإنها علامة وبشارة على نزول هذه الرحمة التي هي المطر
قال تعالى :
((وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ ))
الرحمة هنا : هي المطر
قال تعالى :
(({فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ))
الرحمة هنا بمعنى : المطر
والآيات في هذا المعنى كثيرة
ولذا :
النبي عليه الصلاة والسلام – إذا نزل المطر قال : (( رحمة )) كما في صحيح مسلم
لذا :
من السنة – عبد الله – إذا نزل المطر من السنة أن تقول في جملة ما تقول من الأذكار عند نزول المطر تقول : (( رحمة ))
معناها :هذه رحمة
أي هذا المطر رحمة
وهذا المطر : الذي وصفه جل وعلا بأنه رحمة هو من رحمة الله عز وجل
ولذا جاء في الصحيحين :
أنه يندب للإنسان حينما ينزل المطر أو حينما ينتهي المطر يقول : مطرنا بفضل الله ورحمته
إذاً :
المطر رحمة
من رحمة الله عز وجل
إذا كان هذا المطر من رحمة الله عز وجل ووصف بأنه رحمة ترى ما هي الصور التي يمكن أن نستحضرها في هذا المقام والتي تبين لنا أن هذا المطر رحمة من الله وأنه في الحقيقة هو رحمة ؟
من الصور :
أن هذا المطر قد جبل الله النفوس على الفرحوالاستبشار به إذا نزل
حتى الأطفال إذا نزل المطر وهم لا يعرفون ما وراء هذا المطر
إذا نزل المطر تجد اللعب
تجد الفرحة تعلو وجوههم
إذا ً :
هذا لا شك أنه رحمة من الله أن يدخل السرور على نفسك وعلى أولادك وعلى أسرتك
إذاً : صدق أن يكون هذا المطر رحمة
قال تعالى :
(( فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ{48} وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ{49} ))
من صور رحمة هذا المطر :
وهي من أجل الصور
ومن أجل الأمور :
أن هذا المطر يذكرك باليوم الآخر :
واقرأ كتاب الله وإذا رأيت المطر مذكورا تجد أن بعد ذكر المطر يأتي ذكرالبعثوالنشور :
((فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ{48} )) إلى أن قال : ((فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{50} ))
((وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجاً{14} لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً{15} وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً{16} ))
ما الذي بعدها ؟
((إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً{17} ))
((وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } ))
ما الذي بعدها ؟
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } الحج6
قال تعالى :
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } فصلت39
((فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ{24} أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبّاً{25} ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقّاً{26} فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً{27} وَعِنَباً وَقَضْباً{28} وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً{29} وَحَدَائِقَ غُلْباً{30} وَفَاكِهَةً وَأَبّاً{31} مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ{32} فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ{33} ))
إذاً /:
إذا نزل المطر يحيي هذه الأرض الميتة
فإذا كان الله عز وجل قادرا على أن يحيي هذه الأرض الميتة بالمطر فهو قادر على إعادة الخلق مرة أخرى
من صور رحمة هذا المطر :
أنه رحمة بالأغنياء
فإن الأغنياء :
وهم أصحاب المواشي أصحاب الأنعام من إبل وغنم :
إذا نزل المطر ما العائد الذي يعود عليهم ؟
المياه
تحصل غدران يشربون منها وتشرب منها بهائمهم
ينبت هذا المطر العشب فترعى من ذلك بهائمهم
فيكون بذلك المطر رحمة لهم
إذ إنهم يستبقون أموالهم التي ينفقونها على بهائمهم إذا اشتروا أعلافا لها
فإذا كانت هناك زهور وعشب وكان هناك ربيع فإنهم يكفون المئونة وليسأل أهل هذه البهائم : كيف يرحمهم الله جل وعلا بنزول هذا المطر ؟
ولذا قال تعالى :
((وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً )) الفرقان49
فيكون هذا المطر رحمة بهؤلاء
ومن صور رحمة هذا المطر :
أنه رحمة للفقير :
كيف ؟
هذا الفقير له حق من الزكاة في السائمة من بهيمة الأنعام
هذا الغني إذا أرعى إبله في الصحراء السنة أو أكثر السنة فإن الزكاة تلزمه في الإبل وفي البقر وفي الغنم
كما هو محدد في كتب الفقه
فإذا أنزل الله هذا المطر رحم الله به هذا الفقير
فإنه يجب على هذا الغني وهو صاحب البهائم أن يعطي هذا الفقير حقه من الزكاة
ومن ثم :
يكون المطر رحمة له
((هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ{10} ))
يعني :
ترعى فيه دوابكم
من صور رحمة هذا المطر :
أنه رحمة بالبهائم
ولذا هذه البهائم إذا جفت الأرض ويبست الأرض وحصل القحط يقول بعض التابعين : " إن البهائم لتلعن عصاة بني آدم إذا حبس المطر من السماء "
ولذا قال تعالى :
((ظَهَرَ الْفَسَادُ ))
الفساد عام :
ولكن بعض المفسرين يقول :
من بين هذا الفساد – وهو قول له حقه وحظه من الصواب – " أن الفساد هنا هو وجود القحط بسبب المعاصي:
((ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ))
فيحصل القحط وهو الفساد
فإذا جاء هذا المطر رحم الله به الدواب
من صور رحمة هذا المطر :
أنه سبب بإذن الله إلى أن يرجع العباد إلى ربهم
كيف ؟
تصور لو أن الأرض أجدبت بسبب منع السماء المطر
تصور :
لو أن الناس لم تكن لديهم هذه المياه المحلاة
ما الذي يكون حال الناس ؟

حال بؤس

ضعف
هوان
فتصور :
لو أن المطر انحبس عن الناس سنة سنتين ثلاث أربع سنوات ؟
سيحتاج الكل إلى الماء
فإن العاصي وهو العاصي سيلجأ إلى ربه
ومن ثم :
إذا حصل القحط تشرع صلاة الاستسقاء
ما الدليل على أن المطر رحمة إذا امسك ؟
سبحان الله!
إذا أمسك يكون رحمة ؟
نعم إذا امسك يكون رحمة
{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }الروم41
لعلهم يرجعون إلى ربهم
من صور رحمة هذا المطر :
أن هواة الصيد يستبشرون به
لأن الأرض إذا انبتت
ما الذي يكون لهذا الصيد ؟
يسمن ويكثر
ولذا :
لهواة صيد الضِباب( مفرد ضب ) ينتعشون إذا جاء هذا المطر ولاسيما في بلادنا فإن الناس اشتهروا بصيد الضباب
فإذا رأوا مثل هذا الضب أو رأى مثل هذا الصيد فإنه يستبشر
ولا شك أن هذا رحمة من الله له
لكن شغف الإنسان بالصيد منهي عنه :
لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال :
(( من اتبع الصيد غفل ، ومن سكن البادية جفا ))
الإنسان يكون معتدلا في ذلك
ومن صور رحمة هذا المطر :
أنه يطهر الجو
ولاسيما في هذا الزمن الذي كثرت فيه الحروب قرب بلادنا :
في العراق
وفي فلسطين
وما كان في السابق في الكويت
و ما شابه ذلك فإن هذه الحروب تخلف عديما من عديمات الطائرات والحروب
ومن ثم :
فإن الناس قد يمرضون بهذا الداء
فإذا نزل المطر طهر
أليست هذه رحمة ؟
بلى والله إنها لرحمة
((وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً )) الفرقان48
هو طهور في ذات
بل إن طهوريته
لو رأيت ماء نزل من السماء قد تغير لونه فلتعلم أنه طهور
ويجوز لك أن تتوضأ به وأن تزيل به النجاسة :
لأن الله قال : ((وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً )) الفرقان48
هو في ذاته طهور
ثم هو مطهر
مطهر للأجواء
مطهر حتى للقلوب
ولذلك :
بعض كبار السن ممن منّ الله عليه بالخشوع والتوفيق إذا قيل له : جاء الغيث قال : نسأل الله أن يغيث قلوبنا
فإن المطر غيث للقلوب
بل به ينتصر المسلمون على الأعداء :
قال تعالى :
((إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ )) :
في غزوة " بدر " استولى المشركون على المياه القريبة منهم وبقي المسلمون لا ماء لهم
والأرض رملة تسيخ فيها أقدام الإبل والخيول
قال جل وعلا من باب النصر والتأييد لخلقه :
قال :
{إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ }الأنفال11
ترى الربط على القلب من أهم ما يكون فيالمواقف الصعبة
نعم
ولذلك : اسأل ربك أن يربط على قلبك
ولذلك :
أم موسى لما علمت بأن ابنها موسى قد وصل إلى فرعون الطاغية :
(( إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ )) القصص10
الفتية لما قاموا وصدعوا بالحق عند ذلك الملك الكافر في سورة الكهف :
((إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى{13} وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ))
إذاً :
سبحان الله!
هذا المطر يربط القلب
وهذه من أعظم ما يكون من النعم
((وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ )) الأنفال11
من صور رحمة هذا المطر :
أنه مبارك
بركة
ويكفي من بركاته ما سبق ذكره آنفا
ما الدليل :؟
{وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ }ق9
صور متعددة
والعاقل يتأمل ويتدبر
فإن الله إذا وصف شيئا بأنه رحمة فلتعلم بأنه من رحمته هو جل وعلا
وعند التأمل والتدبر يظهر الشيء الكثير

جزاك الله خيرونفع بك
جزاك الله خيرا

سبحان الله وبحمده … سبحان الله العظيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.