|
أبحاث ألمانية جديدة ستحقق ثورة في مجال إكتشاف العلاج
أمل جديد لمرضى الشلل الرعاش
صلاح سليمان-إيلاف: دخلت مجالات أبحاث العلماء الألمان في محور إكتشاف دواء فعال لمرض الباركنسون أو "الشلل الرعاش" منعطفًا ايجابيًا جديدًا، عندما تم بشكل قاطع تحديد البروتين المسؤول عن ذلك في الخلايا العصبية في الدماغ – انه بروتين "الألفا سينوكلين" Alpha-Synuclein ، والذي اكتشفه العلماء في معهد National Institutes of Health في أميركا في عام 1997 ، وتبدأ أعراض المرض في الظهور عندما يبدأ تركيب بروتين السينوكلين الكيميائي في التحول لسبب غير واضح وغير مفهوم، وبذلك يصبح غير فعال لأداء وظائفه التي ما زالت غير معروفة للعلماء على وجه الدقة حتى الان، وعند ذلك يحدث إرتباك في الخلية العصبية – ومن ثم يحدث تجمع للسينوكلين على نحو مكثف في وسط الخلية العصبية مما يؤدي إلى فقدان الخلية لوظائفها وبالتحديد إلى إفراز مادة الدوبامين المسؤولة عن نقل الاشارات العصبية والتي يرجع لها الفضل في خلق التوافق الحركي عند الإنسان.
ويبدأ ظهور المرض على شكل هزات متفاوتة الشدة من مريض الى اخر، وتكون في الذراع او الساق او حتى الوجه وعدم اتزان في الوقوف او المشي مع بطء الحركة بشكل عام وحدوث تصلب في الاطراف وصعوبة في البلع. وفي دراسة ظهرت في عام 2024 تم تحديد الجين المسؤول عن بروتين السينوكلين، والذي يحمل الشفرة الخاصة به وتم تحديدها على النحو التالي ِِA53T,A30P,E46K وهو الامر الذي سيتيح للعلماء استنباط خلايا جزعية يمكن ان تساهم بشكل فعال في ايجاد حل لمرضى الشلل الرعاش.
أبحاث المانية جديدة
في معهد ابحاث الامراض العصبية " ZNP " التابع لجامعة ميونيخ.. يكثف العلماء ابحاثهم في الوقت الحالي على السينوكلين، ويبدو انهم على اعتاب تحقيق ثورة في هذا المجال فقد اكتشفوا ان عنصر الحديد في بروتين السينوكلين المتحول الى الشكل غير الطبيعي اكبر بكثير من الموجود في الشكل الطبيعي، وهو الامر الذي شجع العلماء في جامعة ميونيخ الى تركيز الابحاث في هذا الاتجاه ، ففي التجارب العلمية تمّت اضافة نسب معينة من الحديد الثلاثي الى السينوكلين وتم فحصها في جهاز " FCS" الذي يستطيع بكل دقة تحديد تجمعات البروتين في الخلايا وفي حالة السينوكلين وجد تجمع فعلي وكثيف لهذا البروتين في الخلايا التي اجريت عليها التجارب، وهو ما يطرح سؤالاً مهمًا حول علاقة الحديد بالسينوكلين ؟ وعمّا اذا كان هو المسؤول عن تغيّر تركيبه الكيميائي ام لا ؟ لذلك تتواصل الابحاث في هذا الاطار بفريق عمل يترأسه البروفوسير "هانز كريتشما".
في ألمانيا وحدها يعاني من مرض باركنسون او الشلل الرعاش ما بين 300,000 الف الي 400,000 الف شخص، وفي أميركا يصل العدد إلى عدة ملايين اما في العالم العربي فلا يعرف عدد المصابين به على وجه الدقة.
والمرض بصفة عامة موجود عند النساء اكثر من الرجال بنسبة 3 الى 2 ، وهو يزداد خطورة بتقدم العمر خاصة بعد الخمسين ، ويلاحظ المريض ان رجفة منتظمة تبدأ في اليدين والاصابع ثم تمتد لتشمل القدمين والراس وتزداد بازدياد التوتر والقلق وتتبعها صعوبة في الكتابة وفي الاكل وكل ما تستخدمه الاطراف في الحياة اليومية، ومع تفاقم حالة المريض مع المرض فإنه يصبح جامد الملامح قليل الحركة معدوم الانفعال تبقى عيناه مفتوحتان ولا ترمشان الا في النادر القليل ثم يجد صعوبة في التحدث وقد يسيل اللعاب من فمه اثناء النوم وبعد ذلك يأخذ جسمه وضعًا متصلبًا يتميز بانحناء الظهر وانثناء المرفقين والركبتين جزئيًا. والمعروف ان هناك الكثير من مشاهير العالم الذين اصيبوا بهذا المرض نذكر منهم البابا يوحنا الثاني وماو تسي تونج وهاري ترومان ومحمد علي كلاي وغيرهم.
طرق العلاج الحالي
منذ ان اكتشف المرض على يد الطبيب البريطاني جيمس باركنسون في سنة 1817 ومحاولة الوصول الى علاج فعال ومؤثر لا تتوقف ، وتبدو في الوقت الحالي الطريقة الفعالة هي العملية الجراحية ، والتي تؤدي بدورها الى تحسن في الرعشة وفي المشي وبطء الحركة، وهي طريقة يتم فيها زرع اقطاب تتصل بمنظم كهربي تستطيع الاتصال بالخلايا العصبية ، وارسال نبضات كهربائية يتحكم فيها الاطباء وتقوم بتحفيز الخلايا العصبية للقيام بدورها .
وفي جامعة كولونيا يعمل العلماء ايضًا على تطوير "منظم للمخ" يمكنه من تصحيح مسار الخلايا العصبية لمرضى الباركنسون ومن ثم تحفيزها علي القيام بعملها مرة اخرى بشكل عادي وتشير التقارير الطبية المهتمة بهذا الشأن الى ان عملية زرع هذا المنظم تتم في حوالى 30 مستشفى وتتم زراعته لحوالى 400 مريض سنويًا وطبقاء للاحصائيات الطبية فإن حوالى 35 الف مريض حول العالم بمرض الباركنسون قد تمت زراعة هذا المنظم له.
وقد يتساءل بعضهم إن كان لهذه العقاقير الطبية دور في هذا المرض؟ بالطبع لا يمكن اغفال دور العقاقير هنا فهي بشكل او باخر تقوم بتعويض مادة الدوبامين في الدماغ التي تساعد نسبيًا في تحسين الحركة والمشي، ولكن لا تستجيب كل حالات المرضى الى العقار بانتظام، لذلك يتم اجراء العمليات الجراحية لهذا الفريق من المرضي الذين يستعصي عليهم فيه العلاج بالعقاقير ، لكن خطورة هذا النوع من العمليات الجراحية قد يؤدي إلى إلتهابات في المخ او الى نزيف او شلل او الي غيره من اثارجانبية بعد العملية كالاكتئاب مثلا. ولان هذا المرض يلازم المريض لفترة طويلة، فإن من المهم الانتظام في التمارين الرياضية وفي العلاج الطبيعي لأنها احد اهم العوامل التي تساعد المريض على التكيّف مع وضع المرض وعدم الاستسلام له .
والصراحة تعددت العلاجات بكذا دولة اوربية ونتمنى الشفاء للمرضى جميعا