|
د. خالد بن عبدالله المنيع
الحمية بسبب الإصابة برشح دون حرارة: في مثل هذه الحالة الطبيب وحده هو الذي يحدد نوع الحمية التي ينبغي أن يتبعها الطفل آخذاً بالاعتبار نوع المرض الذي يصاب به وطبيعته، وذوق الطفل نفسه، ومع هذا فإنني اذكر فيما يلي بعض القواعد العامة لعلها تكون دليلاً في حالات الطوارئ التي لا يمكن خلالها من مراجعة الطبيب.
إذا كان الرشح الذي اصيب به الطفل خفيفاً غير مصحوب بحرارة، فيمكن أن تكون الوجبة عادية جداً. ومهما يكن من أمر، فقد يفقد الطفل بعض شهيته حتى لو كان رشحه خفيفاً، وذلك بسبب اضطراره للبقاء في المنزل، وابتعاده عن ألعابه الرياضية فضلاً عن الزكام وما يصاحبه من صعوبة في التنفس، أقول ، في مثل هذه الحالة لا يجب اكراهه على تناول أكثر مما يريد. فإذا كان ما يتناوله من الطعام أقل من المعتاد، يعطى سوائل اضافية بين الوجبات. ولا مانع من السماح للطفل بتناول كل ما يريد من الشراب والسوائل. ولكن بعض الناس يعتقدون – مخطئين – أنه كلما ازداد ما يتناوله المريض من السوائل كانت معالجته أسلم واضمن مع أن النفع من تناول كميات زائدة من السوائل ليس أكثر من نفع كميات معتدلة معقولة.
عندما ترتفع درجة حرارة طفل مصاب بالرشح أو الانفلونزا أو التهاب اللوزتين، أو بأي مرض معدٍ آخر إلى ما فوق 102( 39س ) فإنه عادة يفقد في أول الأمر قدراً كبيراً من شهيته، ولا سيما المواد الجامدة. ولهذا ينبغي أن لا نقدم له في اليوم الأول أو اليومين الأولين من المرض شيئاً من هذه المواد، بل اكتفي بالسوائل في اثناء صحوه ومرة واحدة كل ساعة أو نصف ساعة. ويستحسن من هذه السوائل عصير البرتقال أو الأناناس أو الماء. ولعل هذا السبب نفسه هو الذي يجعل الطفل المريض يُقبل على شرب الماء بكثرة. أما تناول السوائل الأخرى فيعتمد على ذوق الطفل ومرضه. فبعض الأطفال يؤثرون العصير. أما الأطفال الأكبر فيؤثرون المشروبات الكربونية والغازية. ويلاحظ أن مشروبات الكولا تحتوي على كميات صغيرة من الكفايين، وهي مادة منبهة لذا يستحسن منعها عن المريض خلال الساعتين الأخيرتين من موعد نومه.
أما الحليب فمن الصعب اصدار تعميم بشأنه. فالطفل المريض يتناول من الحليب عادة أكثر مما يتناول من أي شيء آخر. فإذا تمكن من تناوله دون ان يقيئه كان ذلك خير ما يقدم له. أما الطفل الأكبر، فقد يرفض الحليب أو يتقيأه ولا بأس بتقديم الحليب للطفل المريض، شريطة أن يكون راغباً فيه وقادراً على عدم تقيئه. أما الطفل الأكبر فقد يرفضه أو يتقيؤه، فلا يعطى له إلا إذا كانت به رغبة فيه، وكان قادراً على عدم تقيئه.
أما إذا استمرت الحرارة، فمن المرجح أن تتحسن شهية الطفل قليلاً بعد اليوم الأول أو الثاني من إصابته بها. وإذا كانت شهية الطفل قوية على الرغم من ارتفاع درجة حرارته، فيمكن اعطاؤه كميات قليلة من بعض المواد الجامدة كالخبز والبسكويت والمهلبية والهلام والمثلجات والتفاح المطبوخ والبيض المسلوق قليلاً.
من القواعد الواجب اتباعها عدم إكراه طفل مريض على تناول ما لا يريده من الطعام، ما لم يكن لدى الطبيب سبب خاص لإجباره على تناوله. ذلك أن ما يُرغم الطفل على تناوله من طعام مصيره أن يتقيأه أو أن يسبب له اضطراباً معوياً، أو يخلق له مشكلة غذائية.
من الطبيعي ان يحدث القيء في حالات شتى من المرض، ولا سيما في بداية الأمر، وعند وجود الحمى. وتعتمد الحمية في الحقيقة على عوامل مختلفة لذا فأمر تحديدها ووصفها متروكا للطبيب..
وتحتاج المعدة بعد القيء إلى راحة تامة لا تقل عن ساعتين. فإذا طلب الطفل بعد ذلك طعاماً فلا بأس من أن نعطيه جرعة من الماء. فإذا لم يتقيأ الماء وطلب المزيد منه، نعطيه كمية قليلة أخرى، على أن يكون ذلك خلال فترة تتراوح بين 15و 30دقيقة ثم نزيد هذه الكمية شيئاً فشيئاً إلى أن تصل إلى نحو نصف كأس، إذا أبدى رغبة في ذلك. فإذا وصل هذا الحد دون أن يصاب بأذى أو يتقيأ من جديد يصبح بالامكان أن نقدم له شيئاً يتجاوز ما نقدمه له دفعة واحدة، خلال اليوم الأول، 4أونصات. فإذا مضت عدة ساعات على القيء، وطلب الطفل المواد الجامدة، يعطى أشياء بسيطة كالبسكويت أو ملعقة صغيرة من الحبوب أو التفاح المطبوخين. فإذا طلب شيئاً من الحليب فلا بأس..
أما اذا عاد فتقيأ فلنكن هذه المرة أكثر حذراً وحزماً . فلا يعطى شيئاً قبل مرور ساعتين. ثم يعطى بعد ذلك ملعقتين صغيرتين من الماء في غضون 20دقيقة. فإذا لم يبد الطفل الذي تقيأ رغبة بالشرب، حتى بعد عدة ساعات من تقيئه، فلا يعطى شيئاً . إذ يكاد يكون من المؤكد أنه، في هذه الحالة، سيتقيئه. والسبب في التزام جانب الشدة والحزم يعود إلى أنه كلما تقيأ الطفل فقد من الماء أكثر مما تناول.
وفي أغلب الأحيان، فإن القيء الذي يصاحب المرض المصحوب بدوره بحمى، يحدث عادة في اليوم الأول. وقد لا يستمر حتى ولو استمرت الحمى، وفي بعض الأحيان تظهر مع المواد التي يتقيأها الطفل بقع وخيوط من الدم عندما يكون التقيؤ عنيفاً ، ولكن ليس في هذا بذاته شيء خطير.
إذا اصيب طفل بحمى امتدت عدة أيام يتناول خلالها إلا القليل من الطعام، فمن الطبيعي أن يفقد بسرعة شيئاً من وزنه. ومن الطبيعي أيضاً أن يثير ذلك بادىء ذي بدء قلق الأم واضطراباتها. وعندما يقرر الطبيب أن المريض قد شفي، وأصبح في الإمكان أن تقدم له الوجبات العادية، تهرع الأم إلى تغذية ابنها من جديد، ولكنها كثيراً ما تجد أن الطفل منصرف عن الطعام الذي يقدم له في المرة الأولى من بعد شفائه. فإذا لحت عليه الأم وجبة بعد وجبة ويوماً بعد يوم بأن يأكل، فمن المحتمل أن يفقد شهيته الأصلية إلى الأبد. والطفل اذا ما أكره على تناول الطعام وهو لا يزال مريضاً نفر اشمئزازاً ، الأمر الذي قد يجعله في غضون بضعة أيام ضحية مشكلة كبيرة وطويلة المدى بالنسبة لطعامه.
فما ينبغي للأم أن تعرفه إذا، هو أنه حالما تشفى المعدة والأمعاء من آثار معظم الأمراض، وتصبح في وضع يمكنها من هضم الطعام من جديد لا تعود. شهية الطفل إلى مستواها السابق وحسب، بل يصبح الطفل عادة شديد النهم طيلة أسبوع أو أسبوعين، حتى يعوض ما فقده خلال انقطاعه عن الطعام. وكثيراً ما نجد أن طفلاً كهذا يلح بطلب المزيد من الطعام بعد ساعتين فقط من تناول وجبة طعام ثقيلة. وبحلول السنة الثالثة من العمر، قد يطالب الطفل بأطعمة معينة يكون جسمه أشد حاجة إليها.
واذن فعلى الأبوين في نهاية مرض طفلهما أن يعرضا على الطفل ما يطلبه من المأكولات والمشروبات الجامدة فقط دونما إلحاح وإكراه، وان ينتظر بصبر ولكن بثقة، طهور اشارات تدل على أنه على استعداد لتناول المزيد منها. فإذا لم يستعد شهيته العادية في غضون اسبوع واحد صار من الضروري استشارة الطبيب من جديد.
منقول من جريدة الرياض