|
حدثت تحولات عديدة في شكل وطبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة في عصرنا الحالي، وبرزت الكثير من النظريات والآراء التي تحاول فهم طبيعتهما، وظهرت عدة كتب لنشر الأفكار المتعلقة بكل منهما بطريقة علمية ومبسطة، وأقيمت دورات تدريبية ومراكز استشارات زوجية وعاطفية، هدفها التقريب بين الرجل والمرأة بالتركيز على عوامل الإختلاف الطبيعية في تكوينهما، ولكن آخر ما فجرته الدراسات هو، أنّ المرأة ذلك الكائن الرقيق والمشهور بضعفه، هو أكثر قوة وقدرة على التحمّل من الرجل! تُرى كيف تقرأ النساء والرجال هذا الخبر؟
– شريك متكافئ:
ترى روزيت (29 عاماً) أنّ المرأة أكثر قدرة على تحمل ضغط الحياة، والقيام بأكثر من مهمة في آن، بخلاف الرجل الذي يمكن أن يكون أكثر جلداً وإصراراً على أداء عمل واحد فقط، ويبقى النموذج الصحيح لفهم طبيعة دور المرأة هو أن نعتبرها شريكاً متكافئاً مع الرجل، لكل منهما دوره وليس من العدل أن نقارن أحدهما بالآخر، لأنّ المعادلة غير صحيحة، القوة هي أن يؤدي كل منهما دوره بما يتناسب مع مكانته بالحياة.
– تعدد المسؤوليات:
وتؤكد سلمى (22 عاماً) نفس الفكرة "أعطى الخالق العظيم القدرة على التحمل والصبر للرجل والمرأة، وميزها عند كل منهما، فالمرأة تستطيع تحمل الأعباء الخاصة بها والخاصة بالرجل، حيث إنها تهتم بالمنزل وفي تربية الأولاد ومتابعة شؤونهم، وفي نفس الوقت قد تكون سيدة أعمال ناجحة، أي أنّه بإمكان المرأة أن تكون متعددة المسؤوليات، في حين أنّ الرجل لا يستطيع الجمع بين أكثر من مهمة إلا في حالات قليلة جدّاً".
– أكثر حذراً:
من وجهة نظر رنا (35 عاماً)، أنّ المرأة أكثر حذراً من الرجل، خاصة فيما يتعلق بقيادة السيارة والتعامل مع الأدوات الحادة، لأنها تخشى المخاطر وتتجنبها، فهي هادئة غير متهورة، حيث تؤكد الأرقام في أكثر من دولة أوروبية أن نسب إرتكاب النساء والفتيات للحوادث ضئيلة جدّاً، ولا تتجاوز الـ10 أو 11% من حوادث السيارات.
وتضيف ريم (24 عاماً)، يمكن للمرأة أن تقوم بأكثر من عمل في آن، فهي تستطيع أن تتكلم وتسمع في نفس الوقت، وهذا ما يجعلها تبدع في الأعمال التي تحتاج إلى تنوع في التركيز كالترجمة الفورية مثلاً، في حين أنّ الرجل شديد التركيز في ما يفعل ويتابع الأشياء منفصلة.
– تحمل الآلام:
أمّا عائشة (40 عاماً)، فترى أن قوة المرأة في قدرتها على إحتمال الآلام، لاسيما آلام المخاض التي لا يمكن للرجال تخيل شدتها، وآلام العادة الشهرية التي تعانيها أكثر النساء على الدوام، ليأتي بعد ذلك الإرضاع، فالأُم لا تتذمر من الإستيقاظ بالليل لإطعام طفلها ولا تمل إطعامه في النهار، ولا يوشك الرجل أن يسمع بكاء طفله حتى يعلو صراخه، فهذه الأشياء وهبها الله للمرأة وميزها بها.
– ماذا يقول الرجال؟
"المرأة كائن منظم، يتقن الأعمال الإدارية" هكذا بدأ سمير (37 عاماً) إجابته رداً على سؤالنا له: هل تعتقد أنّ المرأة أكثر قوة وتحملاً من الرجال؟
وأضاف: خلصت نتائج البحوث الميدانية في الصين إلى أن معدل الخسارة لا يتجاوز الـ2% للشركات التي تديرها النساء، وقد سجلت 98 في المئة من المؤسسات التي تديرها النساء أرباحاً هائلة بينما سجلت 33 في المئة من المؤسسات التي يديرها الرجال خسائر فادحة، وهذا مؤشر دقيق على قدرة النساء وتميزهنّ بالعمل الإداري.
– قوّتها بدموعها!
ويرى مروان (25 عاماً) أن عاطفة المرأة تفوق عاطفة الرجل، فهي قادرة على إعطاء الحب والمشاعر بلا مقابل، وتتصف بحساسيتها الشديدة تجاه الكثير من الأمور، وتهتم بالتفاصيل الدقيقة أكثر من الرجل، فقد تلاحظ المرأة أدق التفاصيل في أثاث المنزل وفي الثياب وتنتقد أدق التفاصيل في حفلات الزفاف وأعياد الميلاد.
أمّا أسامة فيعتقد أنّ قوة المرأة بقدرتها على البكاء فالمرأة تبكي أكثر بكثير من الرجل، وربّما تعود هذه الظاهرة إلى عوامل فسيولوجية، ولكن البكاء في أحيان كثير نعمة للنساء ونقمة للرجال، فدموع المرأة تستثير عاطفة الرجل، وتحقق الكثير من المطالب لها.
ويضيف: المرأة تتحمل أعباء التسوق وتستمتع في شراء الألبسة وأدوات المطبخ ولا تضجر من التنقل بين المحال التجارية، فهي تقضي ساعات طويلة ولا تشعر بالتعب أو الإرهاق، وهذا ما يتعبنا ويرهقنا نحن الرجال.
ويؤيده الرأي المدرّس أيمن الجهني الذي يقول: المرأة قادرة على أخذ ما تريد وتحقيق ما تتمنّى من خلال دموعها، فهي إن بكت استحوذت على رحمة واستعطاف المحيطين بها من الرجال، فتنازلوا عن حقوقهم لها وحققوا مطالبها، بينما يصعب ذلك على الرجل حتى حينما يكون مظلوماً، فهو يحافظ على رباطة جأشه وصموده وبهذا الشكل تنتصر وتتفوق عليه!
وتوثّق رأيه الطالبة سهى عبدالرحمن التي تقول: كلما أردت شيئاً ولم أحصل عليه، تظاهرت بالبكاء فحقق لي أبي ما أريد، وحينما أكون في موقف ضعف في قضية ما أو في خلال خلاف مع شقيقي، وأشعر بأن أبي سيغضب مني، أبكي فيتراجع عن توبيخي، وعلى العكس بدلاً من ذلك يحاول إرضائي!
– أكثر صبراً:
يعتقد صفوان (32 عاماً) أنّ الفوارق بين الرجل والمرأة في القوة والتحمل نسبية، ولا يمكن إعتماد فوارق كبيرة،
ويقول: قرأت دراسات حديثة تشير إلى أن قدرة المرأة على التحمل، على العموم، أكبر من قدرة الرجل، والفرق بين سيكولوجيا الأفراد ليس هو الذي يقرر القدرة على التحمل من عدمه، وحتى القدرة على الشعور بالألم وتحمله يجري التحكم فيها عن طريق الجينات والهورمونات وليس بقوة الإرادة. يشكل العامل النفسي والإجتماعي الأساس في قوة التحمل عند الإنسان، فبين الرجل والمرأة على السواء يوجد مَن هو قادر على تحمل المسؤوليات من دون إبداء شكوى، في حين أن آخرين لا ينفكون عن التشكي على الدوام.
قد يكون الرجل أكثر قدرة على مواجهة المشكلات إلا أنّ المرأة أكثر صبراً وتحملاً.
– تصعب المقارنة:
يقول هشام العماطوري وهو أخصائي بالأبحاث السريرية: تصعب المقارنة بين الرجل والمرأة، لأن أوجه المقارنة بينهما قليلة جدّاً.
ومرجع ذلك أن ما يقوم به الرجل مختلف تماماً عما تقوم به المرأة. فللرجل تركيبته الهورمونية والفسيولوجية الذكورية، وللمرأة تركيبتها الأنثوية.
ونظراً لهذه التراكيب الداخلية يتحتم على الجسم التوجه بشكل تلقائي للتخصص في المزاج والإرادة والأفكار والأفعال وردودها، فلا يمكن للمرأة أن تقوم بالأعمال الشاقة، بالمقابل لا يمكن للرجل أن يقوم بالأعمال التي تحتاج إلى روية وعاطفة إلا في حالات نادرة.
ويضيف: من المعروف أيضاً أن طريقة عمل دماغ الرجل مختلفة عن تلك التي بدماغ المرأة، فدماغ الرجل يعمل على تحليل ومعالجة الأفكار بشكل تسلسلي، بينما دماغ المرأة يعمل بشكل شبكي، ويبدو ذلك جلياً في عدم قدرة الرجل على التركيز بأكثر من عمل واحد في الوقت ذاته، بينما تتميّز المرأة بقدرتها على الجمع بين الأعمال، ومن هنا نستطيع القول إنّ المرأة أكثر كفاءة بالأعمال التي تحتاج إلى تعددية بالمهام.
وبالمقارنة يكون الفص الجداري الأمامي للدماغ، وهو الجزء المسؤول عن العمليات الحسابية الرياضية عند الرجل أكبر منه لدى المرأة، لذلك يتقن الرجل العمليات الحسابية والرياضية أكثر من المرأة.
وجدير بالذكر أنّ الفص المذكور كان أكبر بشكل فوق الطبيعي لدى آينشتاين وهذا ما جعله عبقرياً رياضياً.
خلاصة القول: القوة أو القدرة على التحمل هي صفة ليست قابلة للمقارنة بين الجنسين، إنما قابلة للمقارنة بين أفراد الجنس الواحد.
– تفوق المرأة:
يطلعنا الأخصائي الإجتماعي باسم المصفي على جانب آخر من الموضوع حيث يقول: خلصت نتائج بعض الدراسات والأبحاث إلى شدة حسّاسية المرأة للكلمات والإنفعالات والإيحاءات غير اللفظية، وتفوقها في حاسة الذوق، ولاسيما الطعم الحلو، وهي تمتلك القدرة على الربط بين الإشارات السمعية والبصرية وفك رموزها، وهذا ما يزيد من صعوبة الكذب على المرأة وجهاً لوجه.
كذلك تتفوق المرأة في المهارات اللغوية، لذا نجدها بشكل كبير في التعليم والترجمة ومراكز الإستشارات.
أمّا في ما يخص حوادث السيارات فالنساء يصطدمن من جهة الأمام والخلف عند صف السيارة، ولا يستطعن تقدير بعد الرصيف في حال صف السيارة الخلفي، لذلك تبقى السيارة مصفوفة بشكل غير مناسب.
وإذا تعلق الأمر بملاحظة السيارات الأخرى من الجوانب والتقاطعات فإنّ الحوادث لديهنّ أقل.
وتبين بعض الدراسات أنّه هناك شبه عمى ليلي عند المرأة، ولذلك لا يجب أن تقود لمسافات طويلة ليلاً، ولا بأس في المسافات القصيرة.
من جانب آخر نجد أن قراءة الجريدة أو شاشة الحاسوب مناسبة لعيون المرأة ذات الرؤية القصيرة، بينما يُتْعب هذا النوع من القراءة الرجل لأنّه مبرمج على المسافات البعيدة، وهذا ما يجعل المرأة متفوقة في الأعمال البصرية الدقيقة مثل أعمال الحياكة والتطريز والأشغال اليدوية.
ويضيف باسم: يرى الكثير من الباحثين أنّ المرأة أفضل من الرجل في سماع صوتين معاً، فهي تستطيع الرد على الهاتف من دون خفض الأصوات الأخرى.
ويمكن لها أن تميز الأصوات، كذلك تتفوق المرأة بنسبة 8 أضعاف على الرجل في الغناء بشكل صحيح.
كما تتميّز بحدسها الأنثوي والذي يعود إلى تفوق أجهزة الإستشعار لديها، وبنفس الوقت تتميز بتعدد مراكز الكلام في دماغها، ما يقلل من خطر إصابتها بفقدان النطق في حال تعرضها لإصابة بالدماغ أو تعرضها إلى جلطة.
– المريخ والزهرة:
في دراسة نقدية حول نفس الموضوع للدكتور حسان المالح إستشاري الطب النفسي، ذكر أن اكثر الدراسات الصادرة في هذا الخصوص وأشهرها كتابان هما "الرجال من المريخ والمرأة من الزهرة" وكتاب "لماذا لا يصغي الرجال ولماذا لا تستطيع المرأة أن تقرأ الخرائط" يربط الكتاب فيها المعلومات التشريحية الدماغية والهورمونية بالصفات السلوكية بتسرع وخفة، تخل بهذا الموضوع المعقد، ولا يتورط في ذلك العلماء المختصون، لأنّ هذا الربط يحتاج إلى مزيد من الدراسات والأبحاث والنظريات المتكاملة.
ويتابع: تعبر هذه الدراسات عن وجهة نظر حتمية ضيقة، واختزالية تشوه الإنسان وقدراته وحرِّيته وسموه، وهي تُهمل تأثير ودور المجتمع والتربية والفكر والقيم في صياغتها للإنسان وفي تكوينه وفي الإختلاف بين الرجل والمرأة، في حين أنّ الفهم العلمي للإنسان يعتمد على النظرة المتكاملة؛ العضوية والنفسية والإجتماعية.
* تحقيق: بهاء غرزالدين
يعطيكي العافيه
يسلمو دياتك